ما هي المُعطيات الأربع التي دفعت السيّد خامنئي للمُطالبة باستِئصال النظام الصهيوني

ما هي المُعطيات الأربع التي دفعت السيّد خامنئي للمُطالبة باستِئصال النظام الصهيوني

المغرب اليوم -

ما هي المُعطيات الأربع التي دفعت السيّد خامنئي للمُطالبة باستِئصال النظام الصهيوني

بقلم - عبد الباري عطوان

ألقى السيّد علي خامنئي المُرشد الأعلى للثورة الإيرانيّة بكُل ثقله في الحرب النفسيّة المُلتهبة هذه الأيّام بين إيران ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وقبل ساعات من بدء الاحتجاجات الاحتفاليّة بيوم القدس عندما وصف “إسرائيل” بمُمارسة إرهاب الدولة، وتذبح الأطفال والمدنيين في فِلسطين المحتلّة، مُؤكَّدًا أنّ بلاده ستدعم أيّ جماعات تسعى إلى استِئصال هذا الورم السرطانيّ.
توقيتُ هذا الهُجوم، من قبل الرّجل الأوّل في إيران، يكتسب أهميّته من عدّة أمور:

الأوّل: أنّه يتزامن مع حرب “سيبرانيّة” مُشتعلة فعليًّا في الوقت الرّاهن بين البلدين كان أحدثها اليوم، حيث اخترقت خلايا إيرانيّة العديد من المواقع الإسرائيليّة أمنيّة ومدنيّة، ووضعت شِعارات من بينها العد التّنازلي لتدمير دولة إسرائيل الإرهابيّة، وقبلها اعترفت مصادر إسرائيليّة بهُجومٍ “سيبرانيٍّ” إيرانيٍّ استهدف البُنى التحتيّة للمياه والصّرف الصحّي، وجاء هُجوم إسرائيلي أمريكي بالمِثل على حواسيب ميناء الشّهيد رجائي في بندر عبّاس يوم 9 نسيان (إبريل) ردًّا عليه، ولكنّه لم ينجح في تحقيق أهدافه.

الثّاني: الحرب الإسرائيليّة المُتصاعِدة على مواقع إيرانيّة في العُمق السوري، وتصاعد وتيرتها في الفترة الأخيرة، وفشلها في تحقيق أيٍّ من أهدافها في إخراج القوّات الإيرانيّة من سورية.
الثّالث: تصاعد حدّة التوتّر بين إيران والولايات المتحدة، وتبادل التّهديدات بين الجانبين بحرب السّفن في مِياه الخليج، وإرسال إيران 6 ناقلات نفط محمّلة بالبنزين ومشتقّات نفطيّة أخرى، إلى فنزويلا في تحدٍّ قويٍّ للولايات المتحدة التي تفرض حِصارًا خانقًا عليها، وتزايد احتِمالات اعتراضها أمريكيًّا، الأمر الذي قد يَنعكِس على شكلِ مُواجهاتٍ في الخليج.
الرابع: نجاح إيران في امتِصاص “صدمة” وباء الكورونا، والسّيطرة شِبه الكاملة عليه، وتعايشها مع العُقوبات الأمريكيّة، وعدم تأثّرها بانهِيار أسعار النفط مِثل الدول الأخرى، لأنّها ببساطة لا تُصدِّر إلا رُبع إنتاجها بسبب هذه العُقوبات.
***
 

دولة الاحتلال الإسرائيلي لا تستطيع القِتال على أكثر من جبهة في الوقت نفسه، أي جويّة وبحريّة وبريّة لتغرق في حربٍ “سيبرانيّة” تُهدِّد بُناها التحتيّة، حيث تملك إيران باعًا طويلًا في هذا الميدان، وانهِيار تفوًقها “السّيبراني” الذي يُعتَبر العمود الفِقريّ لاقتِصادها ودخلها المالي، سيكون ضربةً مُؤلمةً وكارثيّةً.


إيران خرجت من عُنق زجاجة أزَمات حُلفائها في كُل من لبنان والعِراق بعد تراجع حدّة الاحتِجاجات وتشكيل حُكومتين في البلدين، وتفاقم أزَمات خُصومها الإقليميّين، في السعوديّة خاصّةً في الوقت نفسه، بسبب العُجوزات الضّخمة في الميزانيّات نتيجة تراجع العائِدات النفطيّة أكثر من النّصف، والواردات المحليّة النّاجمة عن تَبِعات “الإغلاق” السلبيّة وانعِكاساتها على الحالة الاقتصاديّة بسبب استِفحال وباء الكورونا.

يوم القدس العالمي الذي ستبدأ فعاليّاته الجمعة، سيكون مُختلفًا هذا العام، ليس لأنّ المسيرات الاحتفاليّة ستكون غائبة بفِعل الكورونا، وإنّما لاتّساع دائرة التّأييد الشعبي بسبب تصاعد التغوّل الإسرائيلي، وكرَدٍّ على الهجمة التطبيعيّة المُتسارعة مع دولة الاحتلال من قبل بعض الدول الخليجيّة بطريقةٍ استفزازيّةٍ غير مسبوقة في وقتٍ تُعلن فيه حُكومة نِتنياهو الإسرائيليّة عن مُخطّطاتها بضم الضفّة وغور الأردن، وتفاقم حالة الغليان التي تسود الشّارعين العربيّ والإسلاميّ هذه الأيّام.
الانتِفاضة القادمة التي نرى أنّها باتت وشيكةً، ليس بسبب السّياسات العُنصريّة الإسرائيليّة التوسّعيّة، وإنّما أيضًا بسبب ردّ الرئيس الفِلسطينيّ “المسرحي” وفُقدان سُلطته القليل الذي تبقّى من مصداقيّتها، واستِمرار التّنسيق الأمني الذي أكّد وظيفتها كحاكمٍ للاحتِلال ومُستوطنيه ومنع كُل أشكال المُقاومة.
هذه الانتفاضة من الأرجح أن تكون عسكريّةً، لأنّ السّلاح بات متوفّرًا، وتكنولوجيا الصّواريخ “الغزّاويّة” ستنتقل حتمًا إلى الضفّة، إن لم تَكُن قد انتقلت بالفِعل، ويكفي التّذكير بأنّ 50 بالمِئة من الشّعب الفِلسطيني في الأراضي المحتلّة تحت 15 عامًا، وهؤلاء مُتحرّرين مِن عُبوديّة راتب السّلطة، ولن يقبلوا الهوان الذي قَبِل به آبائهم وأجدادهم.
-***

السيّد خامنئي كان مُوفّقًا عندما سحب أهم ورقة في يد أمريكا وحُكومة الاحتلال عندما “فرّق” بين الصهيونيّة كحركة عُنصريّة إرهابيّة، وبين اليهوديّة كديانة بقوله “إزالة إسرائيل لا تعني إزالة الشّعب اليهودي وإنّما استِئصال الورم السرطانيّ الإرهابيّ في فِلسطين المحتلّة”.
نُكرِّر للمرّة الألف ونقول إنّ دولة الاحتلال تعيش حالةً من الرّعب، لأنّ الخِناق يضيق عليها، والحرب “السيبرانيّة” هي المُفاجأة الصّادمة التي لم نتوقّعها، والأيّام القادمة ستكون مُختلفةً ليس لأنّ أمريكا ستفقد عرشها وهيبتها كقوّةٍ عُظمى وحيدة، واقتِصادها الذي لن يتعافى لسنواتٍ بفِعل الكورونا، وإنّما لأنّ محور المُقاومة يزداد قوّةً وصلابةً، بينما تنهار المحاور المُقابلة.. والأيّام بيننا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما هي المُعطيات الأربع التي دفعت السيّد خامنئي للمُطالبة باستِئصال النظام الصهيوني ما هي المُعطيات الأربع التي دفعت السيّد خامنئي للمُطالبة باستِئصال النظام الصهيوني



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:04 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

زوجة واحدة لا تكفي!

GMT 02:01 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

GMT 06:51 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 17:53 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

محمد صلاح يضيف لرصيده 3 أرقام قياسية جديدة

GMT 13:50 2012 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

البيئة النظيفة.. من حقوق المواطنة

GMT 21:44 2021 الأحد ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أشهر الوجهات السياحية المشمسة في الشتاء

GMT 00:48 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إسبانيول يفاجئ ريال مدريد بخسارة مؤلمة

GMT 00:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة "قناة رقمية" تثير تساؤلات في جامعة أكادير
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib