بومبيو يكشف عن تحالفٍ إسرائيليّ إماراتيّ عسكريّ وأمنيّ ضدّ إيران وليس “اتّفاق سلام”

بومبيو يكشف عن تحالفٍ إسرائيليّ إماراتيّ عسكريّ وأمنيّ ضدّ إيران وليس “اتّفاق سلام”

المغرب اليوم -

بومبيو يكشف عن تحالفٍ إسرائيليّ إماراتيّ عسكريّ وأمنيّ ضدّ إيران وليس “اتّفاق سلام”

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان

لم يُفاجئنا مايك بومبيو وزير الخارجيّة الأمريكي عندما قال اليوم الأحد في حديثٍ لمحطّة “فوكس نيوز” “إنّ الإمارات وإسرائيل اتّفقتا على بناء تحالف أمني وعسكري ضدّ إيران لحِماية المصالح الأمريكيّة، والشرق الأوسط، عبر مُعاهدة أبراهام التي تنص على التطبيع الكامل بينهما”، لأنّه لا تُوجد حالة حرب بين البلدين، كما إنّ الإمارات لم تقتل أو تجرح إسرائيليًّا واحدًا مُنذ تأسيسها، بشكلٍ مُباشر أو غير مُباشر، لأنها كانت دولة “مدنيّة مُسالمة” مُنذ تأسيسها، وحربها الوحيدة المُباشرة كانت في اليمن العربيّة، ومن غير المُستبعد أن يُؤدّي هذا الاتّفاق إلى إلغاء هذه الصّفة، ويُحوّلها إلى جبهةِ مُواجهة عسكريّة في “الجزيرة العربيّة” وضدّ الجار الإيرانيّ الشرقيّ على وجه الخُصوص.

جميع اتّفاقات السّلام والتّطبيع السّابقة بين العرب والإسرائيليين ربّما أوقفت حالة الحرب، والمُواجهات الميدانيّة باعتبارها تمّت مع دول المُواجهة سابقًا، ولكنّها لم تُشَرّع أيّ وجود عسكري إسرائيلي على الأراضي المصريّة أو الأردنيّة، وحصرت التّعاون الأمني في حُدوده الدنيا، والاستثناء الوحيد كان اتّفاق أوسلو الذي كان من أبرز شُروطه تشكيل قوّات أمنيّة فِلسطينيّة (قوّات دايتون) تكون امتِدادًا لنظيرتها الإسرائيليّة في الضفّة الغربيّة، تمنع أيّ عمليّات فدائيّة ضدّ الاحتلال ومُستوطنيه.

***

الاتّفاق الإماراتي الإسرائيلي جاء “قفزةً للأمام” وكسرًا لكُل المحظورات، وتحت سِتار جديد “السّلام مُقابل الحِماية” والتّركيز بشَكلٍ أكبر على الجوانب الأمنيّة، والعسكريّة، والسّماح بوجودٍ إسرائيليٍّ في قواعد عسكريّة ومراكز أمنيّة، على أرض الإمارات، ووجود مُستشار الأمن القومي الإسرائيلي الجِنرال مئير بن شبات، ورئيس الموساد يوسي كوهين على طائرة العال الإسرائيليّة التي حملت جاريد كوشنر من تل أبيب وهبطت في مطار أبوظبي تأكيدًا على هذا الفصل الجديد الذي سيُغيّر هُويّة الجزيرة العربيّة وتُعيد الإسرائيليين إليها من أوسع أبوابها كقوّة حليفة حامية، وليس كضُيوف أو سُيّاح فقط.

ولعلّ الفتوى الأخيرة التي أصدرها عبد الرحمن السديس، إمام الحرم المكّي الشريف، وتَغنّى فيها بمَحاسِن التّطبيع مع اليهود، ووجودهم الشّرعي كأصحاب أرض، أوّل الغيث في هذا المِضمار.

الوجود العسكري الأمني الإسرائيلي أصبح بمُقتضى الاتّفاق الجديد، والاتّفاقات الأُخرى القادمة على بُعد مِئات الكيلومِترات من البُنى التحتيّة النفطيّة والعسكريّة الإيرانيّة على السّاحل الشّرقي من الخليج، وبالقُرب مِن الحُدود السعوديّة والقطريّة والعُمانيّة واليمنيّة.

هذا الاتّفاق، وحسب أقوال بومبيو سيَحُل الصّراع في مِنطقة الشرق الأوسط من صراعٍ عربيٍّ إسرائيليٍّ إلى صِراعٍ عربيٍّ إيرانيٍّ، وربّما عربيٍّ تركيٍّ لاحقًا، والصّفقات التجاريّة، والماليّة، ما زالت مُهمّة لدولة الاحتلال، ولكنّها تحتل مكانة مُتدنّية على سُلّم أولويّاتها، لأنّ الاعتِبارات الأمنيّة والعسكريّة تتقدّم عليها بالنّظر إلى التّهديد الوجودي الإيراني، حسب التّقديرات الأمريكيّة والإسرائيليّة معًا.

السّيطرة على المعابر البحَريّة باتت على قمّة الطّموحات الأمنيّة الإسرائيليّة أيضًا، وهذا الاتّفاق يجعل القوّات الإسرائيليّة على بُعد بضعة كيلومترات من مضيق هرمز، وبحر عُمان، وإذا صحّت التّقارير الإخباريّة التي تُؤكّد رغبة إسرائيليّة في إقامة قواعد عسكريّة في عدن، بالتّنسيق مع الحليف الإماراتي الجديد، فإنّ هذا يعني سيطرتها على مضيق باب المندب المُتَحكِّم بالمِلاحة في البحر الأحمر وقناة السويس وخليج العقبة.

اللّافت أنّ الولايات المتحدة في عهد إدارة الرئيس ترامب لم تَعُد حريصةً بالقدر نفسه على تشكيل “محور اعتدال” يضم دول الخليج إلى جانب مِصر والأردن والمغرب، لعدم حماس الدّول الثّلاث بالانضمام إلى هذا الحِلف، بعد اتّضاح زعامة إسرائيل والدّخول في حُروبٍ مُحتملةٍ تُعزّز هيمنتها ضدّ إيران وتركيا، القوّتين الأخريين الصّاعدتين في الشّرق الأوسط، ولهذا تمّ الاكتفاء بمُعظم دول الخليج، إنْ لم يَكُن كلّها، مَبدئيًّا على الأقل.

ما زلنا لا نرى إلا قمّة جبل الجليد من هذا الاتّفاق الإماراتي الإسرائيلي، ونعتمد على التّسريبات الأمريكيّة والإسرائيليّة التي تأتينا بالتّقتير البطيء، فاليوم فتح أجواء السعوديّة والبحرين لمُرور الطائرات الإسرائيليّة، المدنيّة والحربيّة، إلى دولة الإمارات، وربّما لاحقًا لقصف المُفاعلات النوويّة والبُنى التحتيّة الإيرانيّة، ولا نَعرِف ما هي المُفاجأة الصّاعقة القادمة، ومن غير المُستبعد أن تكون دولة الإمارات قد طلبت ضمانات أمريكيّة بإجبار دول خليجيّة أُخرى على توقيع اتّفاقات سلام مع دولة الاحتلال مِثل قطر والسعوديّة وسلطنة عُمان حتى لا تظل وحدها في هذا الخندق المَكروه من مُعظم الشّعوب العربيّة، وهذا ما يُفسِّر حالات التّرحيب المُباشرة، أو غير المُباشرة له، وانخِفاض حدّة الحمَلات الإعلاميّة تُجاهه في مُعظم وسائل الإعلام العربيّة الرسميّة.
***

الاتّفاق الإماراتي الإسرائيلي ظاهره السّلام، وباطنه الحرب، وإلا لماذا تُريد دولة الإمارات شِراء طائرات الشّبح الأمريكيّة “إف 35” بمُوافقةٍ أمريكيّة واعتِراضٍ إسرائيليّ بطريقةٍ مسرحيّة، لأنّ هذه الطّائرات لن تُستَخدم ضدّها، والأرجح أن تُستَخدم ضدّ إيران ومحور مُقاومتها، ولتكون المُمَوّل “البديل” لشركة لوكهيد مارتن الأمريكيّة التي تُنتِجها.
إسرائيل تَشُن حربًا بالإنابة ضدّ إيران بقصفها أذرعها وقواعدها في سورية والعِراق ولبنان، ونعتقد أنّها تستعدّ حاليًّا، وبالانابة عن أمريكا، أو بمُشاركتها، في نقل هذه الحرب إلى العُمق الإيراني، ومُباشرةً من أرضِ حُلفائها الجُدد في الخليج، اللهمّ إلا إذا تَمخّضت المُفاوضات “السريّة” بين طِهران وواشنطن عن اتّفاق نوويّ مُعدّل.. وإسرائيل ستكون الكاسِب الأكبر في هذه الحالة ولو مُؤقّتًا.. والأيّام بيننا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بومبيو يكشف عن تحالفٍ إسرائيليّ إماراتيّ عسكريّ وأمنيّ ضدّ إيران وليس “اتّفاق سلام” بومبيو يكشف عن تحالفٍ إسرائيليّ إماراتيّ عسكريّ وأمنيّ ضدّ إيران وليس “اتّفاق سلام”



GMT 07:57 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مآسى حوادث الطرق!

GMT 17:57 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الأزمة الليبية باقية وتتمدد

GMT 17:53 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

سببان مهمَّان في زيارة واشنطن

GMT 17:50 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين وخرائطها

GMT 17:47 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

بولاق: أول متحف في أفريقيا والشرق الأوسط

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أورسولا فون دير لاين تؤكد ضرورة تولي أوروبا مسؤولية أمنها
المغرب اليوم - أورسولا فون دير لاين تؤكد ضرورة تولي أوروبا مسؤولية أمنها

GMT 14:13 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

عمر مرموش يكشف عن أصعب فتراته وحلم مانشستر سيتي
المغرب اليوم - عمر مرموش يكشف عن أصعب فتراته وحلم مانشستر سيتي

GMT 14:30 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

باسل خياط يعود للدراما المصرية بمسلسل سيكودراما
المغرب اليوم - باسل خياط يعود للدراما المصرية بمسلسل سيكودراما

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:32 2020 الثلاثاء ,01 أيلول / سبتمبر

كيا تكشف عن جيل جديد من طراز "سورينتو" العائلي

GMT 05:56 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

مروة طلعت تُؤكّد سعادتها بلقب ملكة جمال مصر خلال 2017

GMT 23:23 2023 الخميس ,26 كانون الثاني / يناير

يويفا يُقرر نقل مباراة السوبر الأوروبي إلى اليونان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib