هاجس الغزو في ذكراه

هاجس الغزو في ذكراه

المغرب اليوم -

هاجس الغزو في ذكراه

عبد الرحمن الراشد
بقلم - عبد الرحمن الراشد

معظمنا، ممن شهدوا زمن غزو صدام للكويت، في مثل هذا الشهر من عام 1990، يعدّونه تاريخاً لا يُنسى، وبالفعل يجب ألا يُنسى. ولا بد أنه هاجس يسكن منطقة الخليج، وتحديداً في الكويت، وإن لم يكن من الموضوعات المفضلة على طاولة العشاء.
هل يمكن للغزو أن يعود ويوقظ المنطقة، والعالم، في ليلة صيف ساخنة أخرى؟ في الواقع، ليس الخوف من العراق، بل مِمَّن قد يستخدمه ممراً أو ملعباً. فالغزو غير متوقع في الظروف الموضوعية الحالية، لكن لا شيء مستبعداً تماماً. ولهذا الغرض تبني الدول الجيوش وتهيئ قواتها لليوم الذي لا أحد يتمنى حدوثه. لا أحد يدري من أين تأتي الأخطار، ولا متى، لهذا السؤال الذي يتجاهله الكثيرون، في ذكرى شهر الغزو، ومرور اثنين وثلاثين عاماً على ذلك الاعتداء، فهل يمكن أن يتكرر التهديد الآن أو خلال عشر سنوات؟ رأيي، نعم. احتمال حدوث غزو ما ضعيف جداً لكنه ليس مستبعداً تماماً. وكما يقال، استعدّ للأسوأ وتمنَّ الأفضل. تاريخياً لم يكن الغزو حالة فريدة، فقد حاول حاكم العراق، عبد الكريم قاسم، في عام 1961 وافتعل أزمة دولية ضد الكويت دامت نحو ثلاث سنوات.
إنما العراق اليوم يعيش مرحلة انتقال وعدم حسم يصعب التنبؤ بتقلباتها ونتائجها. ولنتذكر أنه لا يزال هناك حكماء على الساحة العراقية رغم خلافاتهم حموا البلاد من حرب أهلية، مثل تلك التي قضت على ليبيا واليمن. والرهان كبير على القوى الوطنية حتى تحمي العراق من التفكك الداخلي وضد الهيمنة الخارجية. ويتسبب انتشار الميليشيات المسلحة مثل الفطر في مخاطر كبيرة على المركز في بغداد وعلى جر البلاد نحو سياسات متشددة أو توريطها في معارك إقليمية كما يفعل «حزب الله» في لبنان.
والخطر على الكويت، تلقائياً، هو خطر على السعودية والبحرين وبقية دول الخليج العربية، فالجغرافيا هي عامل ثابت في السياسة، كما يقول هيغل، وإن اختلفت الظروف.
ماذا عن خيارات الكويت؟ ظروف اليوم أصعب من عام 1990. آنذاك، كانت الخطوط واضحة على الرمل، والعالم مقسوم على حد السكين بين معسكرين، حالياً اختلف المشهد كثيراً. حضور الولايات المتحدة الفعال عسكرياً تقزم كثيراً، ودول خطرة، مثل إيران، زادت قوتها العسكرية وشهيتها للتمدد. وكان الرئيس الإيراني الراحل، هاشمي رفسنجاني، يحب تذكير دول الخليج بأن صدام عرض عليهم تقاسم الخليج مقابل غزوه الكويت، إلا أنهم في طهران رفضوا عرضه. وبغضّ النظر عن صحته من عدمه، فقد تبدلت محركات السياسة عمّا كانت عليه منذ ثلاثين سنة مضت. دخلت المنطقة دول كبرى مثل الصين، الزبون الأكبر لسلعة الخليج الرئيسية، النفط، وحلّت في النفوذ جزئياً محل الولايات المتحدة. لكنها، أي بكين، بخلاف واشنطن، ليست مستعدة للتدخل وحماية الدول المصدّرة من الاعتداء والتنمر. واشنطن لا تزال الأكثر نفوذاً بقواعد عسكرية في المنطقة، كما توجد وتحمي مناطق مثل اليابان وأوروبا الغربية.
لا تزال الولايات المتحدة اللاعب الدولي الرئيسي في الخليج، ولها اتفاقية تعاون دفاعية مع الكويت، وعلى أرضها قوة من نحو 13 ألف جندي أميركي. كل هذه مدعاة لمنع أي اعتداء خارجي أو حتى التفكير فيه، حتى اليوم. التحدي الذي يواجه قادة الخليج ناجم عن التبدلات الكبرى؛ الانسحاب الأميركي التدريجي، والاتفاق الشامل الذي قد يتم التوقيع عليه قبل نهاية العام ويطلق سراح إيران، والانتشار الصيني الذي يساوي بين دول عدوانية وأخرى ضحية.
هذا يُعيدنا إلى الحديث عن الخيارات أمام الخليج بشكل عام. مجلس التعاون، كمنظومة سياسية ودفاعية، أُسِّس عام 1981 في مواجهة تداعيات الحرب بين العراق وإيران. خلال ما تبقى من هذا العقد لن تجد دول الخليج خياراً أفضل من تعزيز الدفاع الخليجي المشترك الذي بدوره سيجعلها جاذبة للتعاون الدولي وطاردة للمغامرات الإقليمية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هاجس الغزو في ذكراه هاجس الغزو في ذكراه



GMT 10:54 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

«مسار إجبارى».. داش وعصام قادمان!!

GMT 10:52 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

الفوازير و«أستيكة» التوك توك

GMT 10:49 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

الأخلاقى والفنى أمامنا

GMT 10:47 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

ذكرى عودة طابا!

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 08:24 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
المغرب اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 02:27 2024 الأحد ,07 إبريل / نيسان

أول تعليق من داني ألفيس بعد خروجه من السجن

GMT 08:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

إجلاء نحو 117 ألف شخص بسبب الفيضانات في كازاخستان

GMT 04:59 2024 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

نصائح لاستعادة التوازن الغذائي عقب شهر رمضان

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib