هل هي طبول «الربيع العربي»

هل هي طبول «الربيع العربي»؟

المغرب اليوم -

هل هي طبول «الربيع العربي»

عبد الرحمن الراشد
بقلم - عبد الرحمن الراشد

 

مرَّ عقدان، وأكثر، ولم نعدْ نلمس عن ثوراتٍ للشارع العربي منذ فشلِها. الآن نسمعُها كهمسٍ في السوشيال ميديا، إشاعات أو فزاعات تمارس ضمنَ التشويش الإعلامي أو الضغط السياسي مع ارتفاع التوتر الإقليمي.

من حيث المبدأ، ليس مستبعداً حدوثُ الاضطرابات وحتى تهاوي الحكوماتِ في البلدان ضعيفة المؤسسات، أي منظومة الدولة المدنية والعسكرية. من المستبعد أن تهبَّ عواصفُها فجأة، ولن يسمحَ لها بأن تتكرَّر حتى لو وقعت مفاجآت غير محسوبة في هذه المرحلة.

ما جرى في المنطقة العربية سنة 2011 وتوابعها، أحداث تمرّد مختلفة استخدمت انتفاضات الشارع. في تونس سقطت مؤسسة الرئاسة، وفي ليبيا انهارتِ الدولة كلُّها، وفي سوريا انهارتِ الدولة في نصف البلاد، وفي مصرَ سقط القصر، وفي اليمن سقطتِ القبيلة. وفشلت مساعي إشعالِها في أربع دول عربية أخرى: الكويت والبحرين والأردن وموريتانيا.

جميع ثوراتِ الشارع الخمس التي أسقطت الحكومات فشلت كذلك في الاستمرار. وسقطتِ الحركات المتسلقة عليها، مثل إخوان مصر ونهضة تونس، في حين أكلت الثوراتُ أبناءَها في ليبيا واليمن.

ففي مصرَ، قبل ذلك العام، كان الإخوان «شركاء أقلية» في حكم مبارك. كانَ لهم في البرلمان 88 مقعداً كأكبر معارضة شرعية، وهيمنوا في النقابات المهنية، والجمعيات الخيرية، والجامعات. استغلوا انفجارَ الشارع وسرَّعوا بعملية إسقاط مبارك، مستفيدين من كونهم معارضة عميقة الجذور، وأصحابَ مشروعِ حكم، وعندهم طابورٌ واسعٌ من الأتباع. حكموا مصرَ سنة ثم أُخرجوا من اللعبة السياسية نهائياً.

شقيقتهم في تونس «النهضة»، سارت في المسار نفسه والمصير نفسه وخرجت. ليبيا حالة مختلفة، لأنَّ القذافي بنَى نظاماً يقوم عليه، وعندما سقطَ سقطتِ الدولة وذابت مثلَ الملحِ في الماء، بخلاف مصر، سقط الرئيس ولم تهتز المؤسسة العسكرية. كلُّ ثورات عام 2011 فشلت في الأخير بلا استثناء. أمَّا لماذا من المستبعد تكررها اليوم، لأنَّ ممكّناتِ الفوضى صارت ضعيفة، من قوى داخلية متربّصة، وقوى خارجية داعمة، هذا عدا عن خيبات الجمهورِ العربي الذي صار، بسبب ما آلَ إليه، يحنُّ إلى زمن ما قبل الربيع المدمر.

الحديثُ عن التغيير اليوم في الأردن مجردُ هراءٍ، صدى للحملات الخارجية المبرمجة، التي يمكن تتبُّع بصماتِها الدعائية. ويتمّ ترويجه لتخفيف الضغط عمَّا يحدث من تدمير لحركة «حماس» ومحاصرة لـ«حزب الله»، فالمحور المؤيد للحركتين، عاجزٌ عن فعل مباشر ويسعى لخلط الأوراق وخلق توازن في الردع بإثارة الفوضى سواء في الضفة الغربية أو الأردن أو مصر أو غيرها.

التبدلات المهمة ستبقَى في إطار الأراضي الفلسطينية المحتلة، في حال إخراج «حماس» تماماً، سيكون هناك صراعٌ سياسي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية على حكم غزة. وصراع ثانٍ وهو إخراج «حزب الله» من جنوب لبنان، إلى ما وراء الليطاني. ومن قبيل لفت الأنظار ومشاغلة الرأي العام العربي يجري نشر الإشاعات عن تهديد دولِ الحزام الأخرى. ولم تفلح هجماتٌ من سوريا والعراق على الأردن هدفها الزعزعة، وفشلت عمليات تحريك الشارع الأردني. لا نلمس رياحاً يمكن أن تؤثّر على مسار الأحداث الإقليمية، في غزة أو لبنان، يمكن أن تنجحَ في تفجير قنابلَ صوتية تهدف إلى لفت الانتباه إلى ما سوف يجري في غزة ولبنان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل هي طبول «الربيع العربي» هل هي طبول «الربيع العربي»



GMT 19:45 2024 الأربعاء ,24 تموز / يوليو

احجزوا تذاكركم

GMT 19:43 2024 الأربعاء ,24 تموز / يوليو

«داعش» بين الوادي الكبير والحقد الخطير

GMT 19:42 2024 الأربعاء ,24 تموز / يوليو

انسحاب بايدن... وأوهام السحاب

GMT 19:40 2024 الأربعاء ,24 تموز / يوليو

... عن «المواطن» و«الإنسان» ومطحنة الحرب

GMT 08:23 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

تراجع أسعار الذهب بانتظار بيانات التضخم الأميركية

GMT 10:30 2024 الأحد ,23 حزيران / يونيو

بنك المغرب يقترب من "تثبيت الفائدة"

GMT 17:28 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

جوجل تطرح أندرويد 15 بيتا 2

GMT 00:05 2018 الجمعة ,30 آذار/ مارس

ماذا تبقى من تجربة التناوب؟

GMT 23:33 2016 الجمعة ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب يعلن أسماء المشاركين في بطولة العالم للتايكوندو

GMT 14:25 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

بورصة الدار البيضاء تستهل التداول بأداء سلبي

GMT 21:15 2021 الجمعة ,06 آب / أغسطس

رئيس الفيفا على رأس كبار المدعوين للمغرب

GMT 23:18 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

محاكمة “قاتل” عدنان تتأجل بسبب رفض المحامين الدفاع عنه

GMT 15:17 2019 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

خمسة قتلى في حادث تحطم طائرة قادمة من إسبانيا إلى إسطنبول

GMT 11:28 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

لقجع يفاوض انريكي سرا لتدريب أسود الأطلس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib