الخليج وأميركا من لا يَطلُب لا يُعطى

الخليج وأميركا: من لا يَطلُب لا يُعطى

المغرب اليوم -

الخليج وأميركا من لا يَطلُب لا يُعطى

عبد الرحمن الراشد

 

ازدحمت الطاولة الرئيسية المستطيلة بالعشرين مشاركًا في كامب ديفيد ممثلين لسبع دول، بما فيها فريق المضيف الرئيس الأميركي باراك أوباما، مع وفود مجلس التعاون الخليجي. وما كان لهذا الاجتماع المهم أن يعقد لولا أن دولا خليجية رفعت يدها معترضة بقوة على إطار الاتفاق على البرنامج النووي الغربي - الإيراني. كان يمكن أن يكتفي الأميركيون بإرسال خطاب في الحقيبة الدبلوماسية إلى دول الخليج عن حيثيات الاتفاق دون أن يعير أحد اهتماما إلى رأيهم.
هذه المرة اضطربت العلاقة الخليجية - الأميركية، في الأسابيع التي تلت إعلان الاتفاق المبدئي مع إيران، وعبر عدد من المسؤولين الخليجيين عن غضبهم، وبعثوا برسائل مباشرة وغير مباشرة تحتج على الاتفاق والموقف الأميركي. وعلى وقعها دارت معركة دبلوماسية وإعلامية بين الجانبين. وقد جرب الرئيس أوباما أن يقلل من أهمية اعتراضات عرب الخليج، قائلا إن الاتفاق نتيجة مربحة لهم وللعالم، ثم حاول في بعض مقابلاته الصحافية الرد عليهم بقسوة ساخرًا، وأخطأ في أخرى معتبرًا أن إيران دولة تستحق الاهتمام أكثر، وأن تعوض عن سنوات القطيعة، وأن نظامها يصلح أن يكون شريكًا للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط. كل هذا زاد من غضب الطرف العربي الذي عبر عن رفضه، باعثًا بإشارات ضد التعاون مستقبلاً.
وما زاد في قيمة الاعتراضات أن الجانب الخليجي ظهر موحدًا بدوله الست، وكذلك حرص على أن يكون مُركِّزًا، وألا ينساق وراء مطالب عامة أو غير واقعية، ولم يقف ضد الاتفاق النووي لذاته، لأنه فعلاً في صالح الخليج والعالم، وليس ضد التصالح مع إيران، بل الاعتراض كان على إفلات الوحش الإيراني من قفصه دون ضمانات أمنية. أخيرًا، رغب مهندس الاتفاق، أوباما، أن يجتمع بالخليجيين كمجموعة واحدة، الذين جاءوا إلى كامب ديفيد بورقة مشتركة. ولم يقتصر لقاء القمة، الذي سبقته اجتماعات على مستويات المختصين، على حديث الاتفاق النووي وإيران، بل شمل كل القضايا التي تهدد المنطقة.
لم يحصل الخليجيون على كل مطالبهم، ولم يتجاهل الرئيس أوباما اعتراضاتهم. الأميركيون أعطوا تأكيدات على حماية منطقة الخليج من أي هجمات خارجية، والمقصود هنا طبعًا إيران، والخليجيون بدورهم تعهدوا بالتعاون الأمني، والمعني به ضد التنظيمات الإرهابية، ووافقوا على حل القضايا سلميًا، وكل هذا تم تحت عنوان جديد اسمه «الشراكة الاستراتيجية الأميركية - الخليجية».
ثلاثة اجتماعات طويلة كانت أفضل ما يمكن أن تختتم به هذه الزوبعة السياسية، ويطوى الخلاف الأسوأ في تاريخ العلاقة بين الخليجيين والأميركيين في سبعين عامًا. لم تحصل دول مجلس التعاون على ورقة ممهورة من الرئيس بالدفاع عن الخليج، لكن التعهدات الدفاعية كانت واضحة، وتماثل تعهدات الرؤساء الأميركيين السابقين. المهم في نظري أن الدبلوماسية الخليجية هذه المرة لم تكتف بالاعتراض الصامت، بل عارضت بصوت مسموع، وألحت على عرض مطالبها، فأنقذت علاقة استراتيجية قديمة ذات أهمية حيوية للطرفين. ولم تفلح القيادة الإيرانية في تخريب أجواء المفاوضات بإطلاق النيران على السفينة السنغافورية، ولم تفلح تهديداتها بخرق الحصار البحري على اليمن، التي كانت تهدف إلى دفع المؤتمرين إلى الاختلاف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخليج وأميركا من لا يَطلُب لا يُعطى الخليج وأميركا من لا يَطلُب لا يُعطى



GMT 06:32 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

التعليم وإرادة الإصلاح (1)

GMT 06:29 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرش ترامب!

GMT 06:27 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

تكليفات الرئيس!

GMT 06:26 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

سمعة البرلمان!

GMT 06:23 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الداعية «قفة» وأبناؤه

GMT 06:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماذا تبقى من ذكرى الاستقلال في ليبيا؟

GMT 06:09 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مُقرئ الفلوس

GMT 06:01 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

كعب لا تقبله أمريكا

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 02:23 1970 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ويتكوف يعلن توقيت انطلاق المرحلة الثانية من اتفاق غزة
المغرب اليوم - ويتكوف يعلن توقيت انطلاق المرحلة الثانية من اتفاق غزة

GMT 13:59 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

انستغرام يطلق تطبيق Reels مخصص للتليفزيون لأول مرة

GMT 14:33 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية العام فرصاً جديدة لشراكة محتملة

GMT 18:37 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن النقاش والجدال لتخطي الأمور وتجنب الأخطار

GMT 21:04 2022 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

"طائرة الزمالك" يهزم المنيا 0/3 في دوري المرتبط

GMT 11:54 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

أخر صيحات الموضة لموسمي خريف وشتاء 2024-2025

GMT 01:34 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

بلقيس فتحي تطرح أحدث أغانيها "أحاول أغير"

GMT 06:31 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب ليستر سيتي يدخل دائرة اهتمامات إدارة مانشستر يونايتد

GMT 06:26 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib