السلة السياسية لحكومة الرزاز 15

السلة السياسية لحكومة الرزاز (1-5)

المغرب اليوم -

السلة السياسية لحكومة الرزاز 15

بقلم : عريب الرنتاوي

حكومة النهضة الوطنية والعقد الاجتماعي، لم تكشف بعد عن محتويات «سلتها السياسية»، مع أنها السلة الوحيدة التي تتوفر على فرص للإنجاز، بخلاف بقية السلال، التي سيصطدم إنجاز ما فيها من «محتويات»، بعوائق كبرى، لعل أهمها شح الموارد وضيق هوامش الحركة والمناورة أمام الحكومة... ولا أدري عن أية «نهضة وطنية شاملة» وأي «عقد اجتماعي» نتحدث، إن لم يكونا مقرونين بـ»اختراقات» على مسار الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي.

نتفهم العوائق التي تعترض طريق الحكومة، ونعرف أن ثمة قوى رجعية (لا أرغب باستخدام مصطلح الشدّ العكسي) الذي يفترض بحكم طبيعته، أن ثمة «قوى شدّ أمامي»، مع أننا لا نلحظ وجوداً مؤثراً لهذه الأخيرة ... ونتفهم أيضاً، أن معركة الإصلاح السياسي والمواطنة الفاعلة والتحول الديمقراطي، تصطدم بجماعات المصالح و»لوبيّات» الفساد واستغلال السلطة والنفوذ، وتضرب بالعلاقات «الزبائنية» بين الدولة وشريحة من مواطنيها الأكثر نفوذاً ... لكن لا مندوحة من إبقاء جذوة المسار الإصلاحي السياسي متّقدة، فلا نجاح للحرب على الفساد من دونها، ولا إصلاح اقتصادياً، حساس لتداعياته الاجتماعية، نزيه وشفاف من غيرها ... ولا تحصين لجهاز مناعتنا الوطنية من دون أن نقطع  أشواطاً حقيقية على المسار الديمقراطي.
لن أذهب طويلاً في إعادة انتاج وصياغة «الأوراق النقاشية» للملك، فلطالما استخدمت هذه الأوراق في غير مطرحها وبخلاف مراميها، بعد أن حوّلها البعض منّا، إلى غطاء لتأبيد الأمر الواقع ... أكتفي بالإشارة إلى مفهوم «العقد الاجتماعي»، الذي استبطنه كتاب التكليف ورد الرزاز وبيان حكومته، وهو كما تعلمون، من أنبل وأثمن المفاهيم التي أنجزتها البشرية، بعد عقود وقرون من الاستعباد والاسترقاق والحروب الأهلية والبينية، والذي تعرض بدوره، ويتعرض الآن، لأوسع حملات «الشيطنة» من قبل فريق من هؤلاء، إن عن جهل وقلة دراية، أو لأغراض في نفس يعقوب وليس غرضاً واحداً فحسب... ومن أسفٍ، فإننا في مرحلة يتسم فيها أداء بعض حكوماتنا بالجبن والتردد، أمام أصحاب الأصوات العالية، الذين ما أن ترتفع أصواتهم بالتشكيك والاتهام، حتى تسارع الحكومات إلى طي صفحات برامجها وشعاراتها، بل والتنصل منها.
ونبدأ هذه السلسلة من المقالات، بالتأكيد على بؤس مقاربة ملفات الإصلاح السياسي بـ»المفرق»، وهي التي لا تُؤخذ إلا رزمة واحدة، وبالجملة ... ومن أسفٍ أيضاً، فإننا رأينا بعضاً من حكوماتنا، تتصرف بعقلية «البقال الصغير» في التعامل مع هذا الملف، فتأخذ حلقاته كل على حدة، بما يقطّع السلسلة، بدل أن يزيدها ترابطاً وتماسكاً، فتأتي نتائج محاولاتها، صفراً مكعباً.
ونقول، إن الأحزاب السياسية هي قاعدة مشروع التحول الديمقراطي ورافعته، وأن تطوير دورها يبدأ بقانون الأحزاب ولا ينتهي بقانون الانتخابات العامة، مروراً بمروحة واسعة من القوانين والتشريعات والسياسيات والإجراءات.
قانون الأحزاب السياسية، بحاجة لمراجعة العديد من مواده وبنوده، تبدأ بأهمها: إعادة النظر في تعريف الحزب وتميزه عن الجمعية الخيرية أو مؤسسة المجتمع المدني، بوصفه مشروع سلطة وحكومة، وقناة رئيسة (حتى لا نقول وحيدة) للمشاركة والتمثيل السياسيين، وتمر بإطلاق الحق في تشكيل الأحزاب، فلا قيود من أي نوع على الحق الدستوري في تشكيل الحزب السياسي، القيود تفرض فقط، على وسائل عمل الحزب التي يتعين أن تكون سلمية وفي إطار القانون والانتظام العام، والقيود تتقرر على تمويله من «المال العام»، هنا يجب التشدد في المعايير، حتى لا تصبح «الحزبية» وظيفة من لا وظيفة له، وأداة استرزاق وتنفّع ووسيلة للسطو على أموال دافعي الضرائب، كما هو الحال مع بعض أحزابنا التي تعرفها الحكومة ويعرفها الوزير المختص بالاسم... ودعونا نفرغ مرة واحدة وإلى الأبد، من الشكوى من التعددية الحزبية، والنظر إليها بوصفها العقبة الكؤود على طريق ديمقراطية قائمة على التعددية الحزب، فلا حاجة لنا للتذكير بمئات الأحزاب المسجلة في الديمقراطيات الراسخة والناشئة، والتي لا نعرف عنها، ولا يصل منها للبرلمان، سوى قبضة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، أو اليدين الاثنتين في أسوأ الحالات.
كما تشتد الحاجة لمراجعة نظام تمويل الأحزاب، كأن تنقل معايير التمويل وشروطه، إلى قانون الأحزاب، فلا تبقى عرضة للتبديل والمزاج والاستنساب، على أن يكون المعيار الحاسم في التمويل هو عدد الأصوات و/أو المقاعد التي يتحصل عليها الحزب في الانتخابات المحلية والجهوية والبرلمانية.
والأهم من كل هذا وذاك وتلك، العمل على تغيير النظرات والإجراءات والسياسات «الواقعية» في تعامل أجهزة الدولة ومؤسساتها مع الأحزاب السياسية، وردم الفجوة السيحقة بين خطابنا الرسمي وممارساتنا العملية، والتخلص ابتداءً من «النظرة الأمنية/ الاتهامية/ التشكيكية» بها وبشخوصها وبدورها، والكف عن شيطنتها وتسفيهها، وتمكينها من العمل في أوساط الطلبة والشباب بكل حرية، ومن دون قيود أو شروط، من شأنها إفقادها الصلة بقواعدها الاجتماعية، فضلاً عن مراجعة منظومة القوانين الناظمة للعمل العام (الاجتماعات، الجمعيات، حق الحصول على المعلومات وغيرها كثير)، بما يزيل القيود والعوائق أمام أنشطة الأحزاب وفعالياتها.
وإلى غدٍ في حديث عن «اللامركزية».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السلة السياسية لحكومة الرزاز 15 السلة السياسية لحكومة الرزاز 15



GMT 07:19 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

شكراً لعدم قتل العالم

GMT 07:17 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

GMT 07:05 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

محمد السادس «مخزن» الوضوح السياسي

GMT 06:01 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

ليست لغزاً ولا يحزنون

GMT 05:59 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

الزلزال القادم

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 08:24 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
المغرب اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 12:26 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية
المغرب اليوم -

GMT 17:54 2023 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

مبابي يدافع عن ميسي وينتقد جماهير باريس

GMT 20:13 2021 السبت ,18 أيلول / سبتمبر

دلالات اللون الأخضر في ديكور المطابخ

GMT 16:56 2019 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء البيضاوي يحدد سعر خروج محمود بنحليب من الفريق

GMT 09:33 2019 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

رجل يقطع إصبعه بسبب لدغة أفعى غير سامة

GMT 16:07 2017 الإثنين ,29 أيار / مايو

طريقة تحضير تارت الكنافة بالمانجو اللذيذ

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

الجزائر تتراجع قرار منع الاستيراد والتصدير عبر موانئ المغرب

GMT 17:43 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الذهب يسجل ارتفاعاً بدعم من استقرار مؤشر الدولار الأميركي

GMT 17:49 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

إنستغرام يختبر الأغانى في دورات الصور

GMT 10:05 2022 الإثنين ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مبابي يحسم جدل الرحيل عن باريس سان جرمان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib