الوجه الآخر للصورة

الوجه الآخر للصورة

المغرب اليوم -

الوجه الآخر للصورة

بقلم : عريب الرنتاوي

في حمأة الاتهامات والتهديدات المتبادلة بين طهران وواشنطن، وبلوغ اللغة المتبادلة بينهما حداً غير مسبوق من التوتر والتوتير، تغيب عن الاهتمام، مؤشرات تفتح الباب لخيارات أخرى، غير المواجهة والتصعيد، وتُبقي احتمال التوصل إلى توافقات وتفاهمات على الطاولة، إلى جانب خيار التصعيد والمواجهة.
يعود ذلك إلى أمرين اثنين: الأول؛ ويتعلق بالإدارة الأمريكية، التي تدرك بلا شك، أن «تصفير» صادرات النفطية أمراً غير ممكن، وأن شبكة العقوبات التي فرضتها على إيران، «مثقوبة» في أكثر من مطرح، وأن الرئيس ترامب قد يغادر بيته الأبيض، قبل أن ترفع طهران رايتها البيضاء كما قلنا في مقالة الأمس ... لكن آخر ما يريده ترامب وإدارته، هو الدخول في حرب خليجية رابعة ... فما العمل والحالة كهذه؟ وما هي الخيارات التي تتوفر عليها الإدارة في حال بدا أن إيران قادرة على اجتياز استحقاق العقوبات من جديد، كما اجتازته عندما كانت أكثر شمولاً وأشد مضاءً؟
والثاني؛ ويتصل بإيران، التي وإن طغت على خطابها، نبرة التحدي والاستخفاف بالعقوبات والثقة بقدرتها على إلحاق الهزيمة بواشنطن، إلى أن حكومة روحاني، ومن ورائها مرجعية خامنئي، تدركان تمام الإدراك كذلك، أن عبء العقوبات الثقيل يصعب حمله لفترة طويلة من الوقت، وأنه قد يفضي إلى ما لا تحمد عقباه داخلياً على المديين المتوسط والبعيد، وان نفوذ طهران الإقليمي، يواجه تحديات حقيقية، بعد أن بلغ ذروة غير مسبوقة في السنوات الأخيرة.
في ظل هذه «الاستعصاءات» تصدر عن الطرفين مؤشرات يتعين التقاطها وتتبعها ... ترامب أعلن أكثر من مرة، بأنه ينتظر اتصالاً من الإيرانيين للشروع في مفاوضات جديدة، وبلا شروط مسبقة، ضارباً عرض الحائط على ما يبدو بشروط مايك بومبيو الاثني عشر ... والوزير الباسم محمد جواد ظريف، يتحدث لوكالة الأنباء اليابانية «كيودو» عن شرط وحيد لاستئناف المفاوضات مع «الشيطان الأكبر»: مراعاة قاعدة الاحترام المتبادل؟!
في هذه الأثناء، تتوالى المعلومات و»التسريبات» حول مفاوضات غير مباشرة، يقوم بها وسطاء متعددون، منهم سلطنة عُمان، لتدوير الزوايا الحادة في مواقف البلدين ... البعض أدرج «التطور المفاجئ» في علاقات مسقط مع تل أبيب، في هذا السياق، رغم الحديث المتكرر عن وساطة إيرانية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ستمر العلاقات بين البلدين في مرحلة «عض أصابع» مؤلمة، لإيران والمجتمع الدولي والإقليم على وجه الخصوص ... ومن الصعب التكهن بحدوث انفراجة حقيقية وشيكة في هذا الملف ... لكن قد لا يمضي طويل جداً، قبل أن يحدث ترامب استدارة مفاجئة في مواقفه وسياساته، كدأبه دوماً ... إيران، تدرك ذلك، وهي تطلق بين الحين والآخر، من المواقف والتصريحات ما قد يسهل على ترامب استدارته.
آخر هذه التصريحات، ما صدر عن نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، الذي قال فجأة ومن دون مقدمات، أن الوجود العسكري لبلاده في سوريا، ليس أمراً دائماً، وأن بلاده لا تتطلع إلى ذلك ... صحيح أن هذه التصريح جاء في سياق نفي «التعارض الاستراتيجي» بين إيران وروسيا في سوريا وحولها، بيد أنه يصلح كذلك، كرسالة «حسن نية»، يمكن لمراكز الاستشعار عن بعد في واشنطن أن تلتقطها.
أضف إلى ذلك، إن في كل من طهران وواشنطن، من لا يزال يجنح لخيارات التفاوض والحوار، ويرغب في تفادي سياسات الحسم والعسكرة و»تكسير العظام» ... هؤلاء لن يقفوا صامتين، وهم يرون بلديهما ينزلقان نحو قهر هاوية مظلمة ... وهم في مسعاهم هذا، سيلقون دعماً من مجتمع دولي، قد لا يتعاطف مع إيران، بيد أنه لا يوافق ترامب على مواقفه وسياساته العدائية الرعناء.
ثمة وجه آخر لصورة العلاقات الأمريكية – الإيرانية، لم ترتسم ملامحه بعد، لكنه ما زال يطل برأسه من بين ثنايا التصريحات النارية التي تصدر عن كلا الطرفين، وتحديداً عن صقور الإدارتين ومحافظيهما.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوجه الآخر للصورة الوجه الآخر للصورة



GMT 07:19 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

شكراً لعدم قتل العالم

GMT 07:17 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

GMT 07:05 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

محمد السادس «مخزن» الوضوح السياسي

GMT 06:01 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

ليست لغزاً ولا يحزنون

GMT 05:59 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

الزلزال القادم

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 13:22 2024 الخميس ,11 إبريل / نيسان

إنتر ميلان يحدد سعر بديل مبابي

GMT 14:40 2024 الخميس ,11 إبريل / نيسان

نيمار يفلت من غرامة قدرها 3 ملايين دولار

GMT 11:01 2024 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

أبرز عيوب مولودة برج العذراء

GMT 00:36 2024 السبت ,06 إبريل / نيسان

يوفنتوس يكشف عنصرية جماهير لاتسيو ضد ماكيني

GMT 16:58 2024 السبت ,10 شباط / فبراير

هواوي تعلن عن سماعات لاسلكية متطورة

GMT 17:46 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

موديلات أحذية يمكن ارتداءها مع الجوارب الضيقة

GMT 13:02 2022 الأحد ,26 حزيران / يونيو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:59 2021 السبت ,31 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 20:39 2021 السبت ,25 أيلول / سبتمبر

فيلم لنبيل عيوش في مهرجان حيفا الإسرائيلي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib