أزمة قراءة أم أزمة خيارات

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

المغرب اليوم -

أزمة قراءة أم أزمة خيارات

بقلم : عريب الرنتاوي

تصدرت الأنباء الخاصة بتهديدات حماس خرق ”التهدئة“ وإشعال جبهة غزة من جديد، ردًا على ما وصفته الحركة بتلكؤ الوسيط المصري (الحصري) وعدم إيفائه بالتزاماته ووعوده، عناوين المشهد الفلسطيني، قبل أن تنتقل إلى الصفحات الأولى للصحف ومقدمات نشرات الأخبار.

بعد عملية ”سيف القدس“ و“انتفاضة أيار“، ظنّت حماس، أو هكذا بدا الأمر، أن الوقت قد حان لتحقيق هدفين اثنين، طال انتظارهما: الأول؛ ”شرعنة“ حكمها لقطاع غزة وإدامته، مشفوعًا برفع الحصار وإعادة إعمار وحزمة عاجلة من المساعدات الإنسانية، نظير ”هدنة“ تطول أو تقصر.. والثاني؛ نجاح تكتيك الربط بين غزة والضفة، سيما بعد أن كشفت التقارير واستطلاعات الرأي، عن تنامي شعبيتها في مناطق السلطة الفلسطينية وعلى حسابها، باعتبار أن تطورًا كهذا سيمكنها من إشعال الضفة الغربية، ضاربة عصفورين بحجر واحد: إضعاف السلطة وحركة فتح، وتكريس مكانتها كحركة قائدة لكفاح الشعب الفلسطيني.

وقد تكون الحركة تشجعت بمآلات التجربة الأفغانية، وربما ظنت أن ما هو جائز لطالبان، قد يصبح جائزًا لها كذلك، وأنها تتوفر على إمكانات إعادة إنتاج السيناريو الطالباني، فتصبح من موقعها الجديد الناشئ، ناطقًا باسم الشعب الفلسطيني، وممثلًا شرعيًا له، تحت مظلة منظمة التحرير، أو من دونها… ولعل هذا ما يفسر التغيّر الذي طرأ على سلم أولويات الحركة مؤخرًا، إذ بدل الحديث عن الانتخابات وتوحيد شطري السلطة، باتت المنظمة، وضرورة إعادة بنائها، هي مبتدأ جملة حماس وخبرها.

هل غاب عن إدراك حماس، أن إسرائيل وليست الولايات المتحدة أو الوسطاء، هي من يقرر ما إذا كان الإفراج عن الحركة أمرًا ممكنًا أم لا، وأن قرار التعامل معها من عدمه إسرائيليّ بامتياز؟ لا أظن ذلك، فهي تعرف أنها أُدرجت على قائمة المنظمات الإرهابية البريطانية بفعل فاعل إسرائيليّ، وأن تل أبيب تواصل سعيها لدى دول أخرى لفعل شيء مماثل.
هل غاب عن ذهن حماس، أن رغبة مصر ومصلحتها في رعاية ”تهدئة طويلة الأمد“ في القطاع، وإتمام بعض مندرجاتها ومتطلباتها، وإنجاز صفقة تبادل الأسرى، لا تجعل منها ”صديقًا“ لحماس؟… لا أعتقد ذلك، إذ كيف يعقل أن يكون النظام المصري في طليعة القوى المناهضة لجماعة الإخوان عالميًا، وأن يضع كامل ثقته بحماس أو ”الطليعة الإخوانية المقاتلة“؟… هل غاب عن ذهن حماس، أن مصر تتعامل مع الحركة من موقع ”مكرهٌ أخاك لا بطل“، وبحكم ”الأمر الواقع“ في القطاع، وليس على قاعدة تدعيمها أو تأبيد سلطتها؟

أشك في أن الحركة بكل خبراتها المتراكمة، كانت تجهل هذه الحقائق، أو أنها كانت مغيبة عن إدراك مضامين ما يُرسم للفلسطينيين في الضفة والقطاع، من مشاريع وخطط، هي أسوأ من ”صفقة القرن“ بكثير، سواء من قبل حكومة بينت- لبيد، أو بفعل“غيبة“ الإدارة الأمريكية عن المسألة الفلسطينية… كما أنني لا أحسب أن الحركة كانت تراهن على تفهّم القاهرة لوثيقتها التي سلمتها مؤخرًا، للمخابرات المصرية، فهي تعرف محددات الموقف المصري، وحدود المساحة التي يتحرك في إطارها.

ليست أزمة حماس في قراءتها للشرط الإسرائيليّ، والظرف الإقليمي من حولها، أزمة الحركة تكمن في محدودية خياراتها، وفي رهانها على أنها سيكون بمقدورها ”شرعنة“ حكمها للقطاع، أو مَدّه إلى الضفة، من دون أن تستدخل تغييرات جوهرية في رؤيتها وبرنامجها وأدواتها، أو أن تذهب إلى مصالحة وطنية، تستظل من خلالها بمظلة السلطة والمنظمة و“الكل الفلسطيني“… كلا الخيارين مكلفان وصعبان على الحركة، وهنا تكمن أزمتها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة قراءة أم أزمة خيارات أزمة قراءة أم أزمة خيارات



GMT 14:47 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

سعيٌ للتهويد في عيد الفصح اليهودي

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

أبوظبي ـ المغرب اليوم

GMT 16:11 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

ميغان ماركل تطلب من امرأة عدم الوقوف بجانب هاري

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 13:52 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 22:40 2023 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونخ يتفوق على دورتموند في المواجهات التاريخية

GMT 01:56 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

رواية "الأصل" تتصدر قائمة نيويورك تايمز لأعلى المبيعات

GMT 01:17 2021 السبت ,14 آب / أغسطس

الفيلة تتمتع بحاسة الشم أقوى من الكلاب

GMT 23:40 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

لماذا تصيب الكآبة بعض متصفحي مواقع التواصل الأجتماعي ؟

GMT 02:21 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف عملات فضية نادرة دُفنت في بولندا

GMT 04:14 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

فندق Mandarin Oriental Milan مندرين اورينتال الآن في ميلانو
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib