لا حدود «للواقعية» العربية ولا قعر لها

لا حدود «للواقعية» العربية ولا قعر لها

المغرب اليوم -

لا حدود «للواقعية» العربية ولا قعر لها

بقلم - عريب الرنتاوي

لا حدود لـ “الواقعية” العربية... فلم يمض سوى خمسة أسابيع أو أقل، على قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، حتى عادت نغمة “الواقعية” تهيمن على خطاب العواصم العربية، “... لا أحد يريد مواجهة مع ترامب، ولا أحد يريد أن يمضي حتى نهاية الشوط، ولا أحد يريد أن يدفع الثمن.
الدول العربية المعتدلة الكبرى، هي القاطرة التي تقود “الواقعية” العربية، فلديها من أدوات الضغط و”الإقناع” ما يكفي لتدوير الزوايا الحادة في مواقف السلطة والمنظمة والفصائل، وقلة من الدول العربية التي رفعت وتيرة المواجهة والتصدي للقرار الاستفزازي المذكور، ومن بينها الأردن ... وهذه “الواقعية” التي نستخدمها هنا مجازاً، تفادياً لمقص الرقيب، تتغذى في واقع الحال، من ضعف ردة الفعل الفلسطينية الرسمية، ومحدودية الحراك الشعبي المقاوم للقرار، بعد سنوات من إنهاك الضفة وحصار غزة.
والخلاصة التي ترتجف أصابع الكاتب قبل تسطيرها، أن ترامب ونتنياهو أفلتا بقرار ضم القدس والاعتراف بها عاصمة أبدية موحدة لدولة لإسرائيل، وقد كسبا الرهان حول محدودية وتواضع ردود الأفعال الفلسطينية والعربية ... وقد أظهرنا عرباً وفلسطينيين ومسلمين، وبما لا يدع مجالاً للشك، أن مرضنا لا شفاء منه، أقله حتى إشعار آخر، غير مرئي وغير منظور.
والحقيقة أن معسكر اليمين المتطرف العنصري، في الولايات المتحدة لم يتوقف مطولاً عند معركة القدس وتكريس قرار ضمها و”شرعنته”، فقد كان الأمر بالنسبة لهما على ما يبدو يندرج في باب “تحصيل الحاصل” ... المعسكر المذكور يمضي قدماً في “قضم” بقية عناوين الحل النهائي للقضية الفلسطينية، واحداً إثر آخر، ومثلما “حيّد” ترامب موضوع القدس واخرجه من التداول كما صرح مبتهجاً ذات “تغريدة”، فإنه يمضي في تصفية موضوع “اللاجئين”/ فيما يستعد نتنياهو لـ”شرعنة” ضم الضفة الغربية أو مساحات واسعة منها.
قرار واشنطن تقليص المساعدات الأمريكية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، لا يعني شيئاً سوى إزاحة الرمز الأممي لهذه القضية، وترك فلسطيني المخيمات في الوطن المحتل والمحاصر والشتات، عرضة لعملية التوطين والتهجير، والمخيم الفلسطيني الذي ظل عنواناً للنكبة ورمزاً لها، يجري تبديده وتدميره، إن بفعل حروبنا الداخلية، أو بفعل سياسات بعض الدول المعادية للفلسطينيين، وأخيراً، من ضمن خطة منهجية، إسرائيلية – أمريكية، شطبت منذ زمن هذه القضية، وهي تستعد اليوم، لتنظيم مراسم الاحتفال بدفنها.
ولا احسب أن الكثير من المواجهة والمقاومة لهذا القرار، ستصدر عن عواصم القرار العربي والإسلامي، فلا قعر لتنازلاتنا وتهافتنا. 
لا قدس ولا لاجئين، لا أرض ولا سيادة، لا دولة ولا استقلال، فما الذي تبقى من المشروع الوطني الفلسطيني بعد أزيد من نصف قرن على انطلاقة الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، وسبعة عقود على النكبة ومائة عام على وعد بلفور ... إنها لحظة التتويج المر، لكل الهزائم والنكسات والنكبات العربية، لكل الفشل المتراكم للدولة الوطنية العربية الحديثة، وللحركة الوطنية الفلسطينية، من دون روتوش ولا نفاق ولا تكاذب.
هل بلغنا نهاية المطاف، هل فقدنا الأمل؟
بالطبع لا، فالمنطقة حبلى بالمفاجآت، والسنوات السبع العجاف الفائتة، أظهرت بما لا يدع مجالاً للشك، أن هذه المنطقة تمور فوق بحر متلاطم الأمواج، لا أحد يدري متى يقع الطوفان ... والشعب الفلسطيني من قبل ومن بعد، برهن بما لا يدع مجالاً للريبة، بأنه الأكثر قدرة على الصمود والتجدد، والانبعاث من تحت الرماد، ولقد مرت قضيته الوطنية بظروف لا تقل قتامة وصعوبة، ونهض من تحتها كالمارد، وثمة ما يكفي من الإرهاصات التي تبعث الأمل بحيوية هذا الشعب وبقائه وديمومة قضيته، وقد تحتاج الحال إلى وقت يطول أو يقصر، لكن الضوء في نهاية النفق سينبعث، وربما بأسرع مما نظن ويظنون.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا حدود «للواقعية» العربية ولا قعر لها لا حدود «للواقعية» العربية ولا قعر لها



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 16:10 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
المغرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:17 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

"تارا عماد" تخوض تجربة الغناء لأول مرة دراميا
المغرب اليوم -

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 13:03 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 26-9-2020

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:35 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

المغرب الفاسي ينتصر وديًا على وداد صفرو

GMT 08:22 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

النفط يتدفق مجددًا بخط مأرب في اليمن

GMT 14:32 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

البولندية سواتيك تبلغ نهائي بطولة فرنسا المفتوحة للتنس

GMT 12:34 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الوداد يحاصر مدرب الفريق بالأسئلة بعد صدمة الديربي

GMT 06:31 2019 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هذه توقعات "الأرصاد الجوية" لطقس المملكة المغربية الأحد

GMT 09:09 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

سيدة تعثر على عظام بشرية داخل جوارب متجر شهير في بريطانيا

GMT 08:30 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

7 لاعبين يغيبون عن أولمبيك خريبكة أمام مولودية وجدة

GMT 11:35 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

الجزائر تطلق بوابة إلكترونية للترويج للسياحة

GMT 23:21 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

"جورجيا" وجهة سياحية مثالية للاستمتاع بالثلوج
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib