نتنياهو في مسقط هل من مبادرة بحجم المجازفة

نتنياهو في مسقط: هل من مبادرة بحجم المجازفة؟

المغرب اليوم -

نتنياهو في مسقط هل من مبادرة بحجم المجازفة

بقلم - عريب الرنتاوي

ما الذي دفع سلطنة عمان لاستقبال رئيس الحكومة الإسرائيلية، وفي هذا التوقيت بالذات؟
ثلاث فرضيات تبلورت في معرض الإجابة على هذا السؤال، ومحاولة تفسير الخطوة العمانية الخارجة عن المألوف والمعتاد في السياسة الخارجية العمانية: 
الأولى؛ أقوى هذه الفرضيات وأقلها انتشاراً، تلك التي تتحدث عن شروع السلطنة في وساطة جديدة بين الولايات المتحدة وإيران، امتداداً لوساطتها الأولى، زمن إدارة أوباما، والتي مهّدت الطريق للاتفاق النووي بين طهران ومجموعة (5+1) ... أصحاب هذه يعتقدون أن السلطنة ربما تكون بادرت من تلقاء نفسها، أو بطلب من أحد طرفي المعادلة: واشنطن أو طهران ... ولأنها تدرك أن «العقدة الإسرائيلية» هي الأهم في «منشار» هذه العلاقات، فقد بادرت أو طلب إليها السعي لتذليل هذه العقدة، فكانت الاستجابة العمانية لطلب رئيس الحكومة الإسرائيلية بزيارة مسقط.
أصحاب وجهة النظر، يستحضرون ما سبق لوزير الخارجية الإيراني أن صرّح بها لوكالة كيودو اليابانية عندما أعلن عن استعداد بلاده لاستئناف المفاوضات مع واشنطن من دون شروط مسبقة، وعلى قاعدة الاحترام المتبادل ... هنا يمكن القول، أن «تياراً في إيران» وليس كل مراكز القوة فيها، ربما يكون قد قرر الاستجابة لدعوة ترامب الشروع في مفاوضات جديدة حول اتفاق نووي جديد، فوجد في «القناة العمانية» ضالته لاستطلاع الموقف والشروع في اتصالات غير مباشرة، مع واشنطن وتل أبيب على حد ... ويقول هؤلاء أن هذا ما يفسر ردة الفعل المتزنة والمعتدلة التي صدرت عن الخارجية الإيرانية حول زيارة نتنياهو، مقابل الحملة الشعواء التي شنتها التيار الثوري والمحافظ في إيران وترددت أصداؤه في لبنان، ضد الزيارة والسلطنة على حد سواء.
وهؤلاء أنفسهم، يذكّرون بما صدر عن ترامب تكراراً، بأن مصير الأزمة الإيرانية سيحدد حول مائدة المفاوضات، ولكن بشروط غير مواتية لإيران، وأنه واثق تمام الثقة من عودة الإيرانيين للتفاوض مع واشنطن حول «صفقة جديدة شاملة» ... إيران والولايات المتحدة، هما الملعب الذي تعرفه الدبلوماسية الإيرانية، ولديها فيه وعليه، خبرات متراكمة وتجارب عديدة.
الفرضية الثانية؛ أوسع الفرضيات انتشاراً، وتقول أن السلطنة أرادت «بذل مساعيها» للتوسط بين الفلسطينيين من جهة وكل من إسرائيل والولايات المتحدة من جهة ثانية ... أنصار هذه الفرضية، يربطون بين زيارة نتنياهو وزيارة عباس التي سبقتها بوقت قصير لمسقط ودامت لثلاثة أيام، واللافت أن عباس قال في حديث لتلفزيون فلسطين من العاصمة العمانية، «جملة» لم يكن فهمها ممكناً إلا بعد الكشف عن زيارة نتنياهو: «السلطنة تصدر عن نوايا حسنة في كل ما تقول وتفعل»، لكأن الرجل كان أحيط علماً بالزيارة، وكان في تصريحه ذاك، يقدم ردة الفعل الفلسطينية على الحدث قبل وقوعه.
ولا يستبعد فريق من أنصار وجهة النظر هذه، أن يكون عباس قد طلب تدخلاً عمانياً لحلحلة الاستعصاء القائم بينه وبين إسرائيل في غزة وحولها، سيما مع اقتراب مفاوضات التهدئة من خواتيمها كما تقول المصادر القريبة من حركة الوسيط المصري ... عباس يخشى التهدئة قبل المصالحة، وعباس لا يبدو مرتاحاً تماماً للأداء المصري، وهو ينظر بعين الريبة للدعم القطري لحماس و»خطة التهدئة أولاً»، وليس ثمة من عواصم عربية أخرى يمكن اللجوء إليها والاستنجاد بها، لتعزيز موقفه القاضي بالمصالحة قبل التهدئة، وتمكين حكومة رامي الحمد الله قبل أي حديث آخر.
إن صحت هذه الفرضية، فإن عُمان ستدفع ثمناً باهظاً لمغامرة الرهان على نتنياهو من سمعتها وصورتها، فالرجل كذّاب ولا يؤتمن جانبه... كاره للفلسطينيين والسلام، ولم يعرف عنه الوفاء بأي التزام أو حفظ كلمته ووعده ... وستكون زيارته للسلطنة، خطوة مجانية، لن تفيد الفلسطينيين ولا العمانيين، وسيكون نتنياهو الرابح الوحيد في هذه المجازفة.
أما الفرضية الثالثة؛ فيقول أصحابها: إن السلطنة في وضع جيوبولوتيكي صعب للغاية مع قرب إكمال الحرب في اليمن وعليه عامها الرابع، وما يحيط بها ويلفها من فتور في علاقات السلطنة مع دول خليجية مجاورة ووازنة، وأنها بانفتاحها على إسرائيل، تعزز مكانتها لدى الولايات المتحدة، وتقوي استتباعاً شبكة الأمان التي تحيط بها.
هذه الفرضية غير مرجحة تماماً في ضوء تطورات الأسابيع الثلاثة الفائتة، وتحديداً بعد «واقعة الخاشقجي»، فعُمان مرت خلال السنوات الأربع الفائتة بظروف أصعب وأشد تعقيداً وتهديداً، ولم تفعلها، فلماذا تفعلها الآن، فيما خصومها في وضع أصعب مما كانوا عليه من قبل، سواء في اليمن أو على صعيد علاقاتهم بالمجتمع الدولي.
في ظني، وليس كل الظن إثم، أن تداعيات زيارة نتنياهو لن تنتهي قريباً، وستدفع السلطنة ثمناً من رصيدها ومكانتها اللتين بنتهما في السنوات الماضية، ما لم يكن في جعبتها «مبادرة بحجم المجازفة» التي أقدمت عليها، سواء في فلسطين أو في إيران، أو على المسارين معاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نتنياهو في مسقط هل من مبادرة بحجم المجازفة نتنياهو في مسقط هل من مبادرة بحجم المجازفة



GMT 07:19 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

شكراً لعدم قتل العالم

GMT 07:17 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

GMT 07:05 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

محمد السادس «مخزن» الوضوح السياسي

GMT 06:01 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

ليست لغزاً ولا يحزنون

GMT 05:59 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

الزلزال القادم

GMT 02:25 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء
المغرب اليوم - نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 18:51 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

حمد الله ينافس ليفاندوفسكي على لقب هداف العام

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 20:29 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

منة فضالي " فلّاحة" في "كواليس تصوير مشاهدها بـ"الموقف"

GMT 06:46 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماكياج عيون ناعم يلفت الأنظار ليلة رأس السنة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib