المجلس الوطني عن «الضرورة» و«الفزاعة»

المجلس الوطني: عن «الضرورة» و«الفزاعة»

المغرب اليوم -

المجلس الوطني عن «الضرورة» و«الفزاعة»

بقلم - عريب الرنتاوي

المعارضون لقرار القيادة الفلسطينية عقد المجلس الوطني الفلسطيني في غضون الشهرين المقبلين، ينطلقون في تفسير موقفهم (أو تبريره) من الخشية من “تكريس الانقسام”، طالما أن المجلس سيُعقد قبل إتمام المصالحة الفلسطينية ومن دون توافق وطني، وسيعقد في الداخل وليس في الخارج، ما يصب في إذكاء الهاجس المذكور ويرفع منسوب القلق لديهم على حد قولهم.
مثل هذه المواقف الاعتراضية على القرار، صدرت عن حركتي حماس والجهاد وعن فصائل دمشق، وعبرت عنها بعض المقالات والتصريحات الصادرة عن كتاب وسياسيين فلسطينيين في رام الله، وهي على أهميتها، لا يبدو أنها ستكون كافية لثني القيادة الفلسطينية عن المضي في ترجمة قرارها.
بخلاف هذه “الموجة” في التفكير السياسي الفلسطيني، نحن مِن الذين طالبوا من قبل بعقد المجلس الوطني الفلسطيني، بالمصالحة أو من دونها (بالطبع كنا نفضل أن يأتي انعقاد المجلس تتويجاً لمسار المصالحة واستعادة الوحدة)، ورفضنا في حينه، مثلما نرفض اليوم، رهن منظمة التحرير الفلسطينية بـ “الفيتو” الحمساوي، مفترضين أن الذهاب إلى مجلس وطني آخر، يمكن أن يحدث فوراً في حال أنجزت المصالحة وتوصل المنقسمون على أنفسهم إلى قرار بوضع حد لانقسامهم المريض والمزمن.
لكننا مع ذلك، نرى أن القرار الأخير بعقد المجلس الوطني في غضون شهرين، يتسم بالاستعجال، ويعاني “عواراً” سيترك بصماته على مخرجات المجلس الذي طال انتظاره ... فخلال الفترة القصيرة التي تفصلنا عن موعد انعقاده، سيكون من الصعب “تجديد” شباب المجلس الذي يعاني من “شيخوخة” مفرطة على نحو جدي، وسيكون من شبه المستحيل إشراك قطاعات أوسع من الشعب الفلسطيني في اختيار ممثليهم، سواء عبر صناديق الاقتراع، أو من خلال المشاورات المكثفة مع الجاليات والتجمعات الفلسطينية التي يتعذر إجراء انتخابات لاختيار ممثليها.
في وضع طبيعي، كنّا سنشترط للترحيب بعقد المجلس من دون تحفظ، بذل جهدٍ تحضيريٍ، تشاوري– ديمقراطي، من أجل إعادة تشكيله، وهو الكيان الذي يبلغ متوسط أعمار أعضائه الخمسة والسبعين عاماً كما تقول بعض المصادر ... وكنّا سنرحب أكثر بهذا الانعقاد النادر، لو أن القرار بشأنه قد جاء من ضمن خطة استنهاض وطنية، لمواجهة تحديات المرحلة الاستراتيجية المقبلة واستحقاقاتها... لكننا في لحظة استثنائية، أبعد ما تكون عن “الوضع الطبيعي”، ، فالضغوط الإقليمية والدولية تشتد على القيادة،، وتتكثف محاولات “شيطنتها” و”عزلها”، وتتكاثف عمليات التلويح بالبدائل ... وعليه، فلن نتردد في الترحيب بعقد المجلس، ولن نردد معزوفة “تكريس الانقسام”، ولن نقبل بتعطيل مسار التجديد النسبي للشرعية والقيادة الفلسطينيتين، 
بيد أننا سنكتفي هنا بالإعراب عن الترحيب المتحفظ، بانعقاد المجلس، باعتباره مهمًا وضروريًا، في هذه اللحظة الاستثنائية بالذات، ونأمل أن تفعل القيادة الفلسطينية ما بوسعها لضخ دماء جديدة في عروقه  ... نعرف أن كل جهد في هذا الاتجاه، وفي هذا الوقت القصير، سيكون ناقصاً... لكننا لسنا متفائلين بأن تأجيل المجلس لشهر أو شهرين إضافيين، أو ربما لعام أو عامين، سيمهد طريق المصالحة واستعادة الوحدة... ولسنا متأكدين بأن قدرة القيادة والشعب الفلسطينيين على مواجهة مشروع ترمب “قيد التجهيز”، ستكون أفضل من دون انعقاد المجلس.
في ظني أن القرار بعقد المجلس، آخر الشرعيات الفلسطينية، ربما يكون انبثق من حاجة القيادة الفلسطينية لتجديد شرعيتها، في مواجهة مشروع شطبها وشطب قضية شعبها الوطنية، تحت عنوان “مبادرة ترمب” و”صفقة القرن” ... ، فإن نجح المجلس في إنجاز المهمة، وأضفى قدراً من التجديد و”التشبيب” على بنية المؤسسة القيادية الفلسطينية، يكون حقق الحد الأدنى من أهدافه.
والمؤكد أن المجلس المقبل، سيعيد التأكيد ويجدد الثقة بالموقف الفلسطيني الصلب، الرافض لقرار ترمب ومبادرته، وهذا الموقف بدوره سيكون إطاراً مرجعياً ملزماً لأي قيادة فلسطينية جديدة، سيصعب عليها الإفلات منه، وستكون أي محاولة للهبوط بسقف المواقف الفلسطينية مستقبلاً، أصعب على أي مسؤول أو قائد فلسطيني، وهذا الأمر بحد ذاته، يملي الاستجابة لقرار عقد المجلس، بدل مهاجمته، وتصويره بمثابة “الطامة الكبرى”.
لتمضي السلطة والمنظمة وفتح والفصائل المتحالفة معها والوطنيون المستقلون في مسعاهم لعقد المجلس، وليبذلوا كل جهد متاح من أجل توسيع مظلة التمثيل وساحاته وفئاته، ما أمكن، ونشدد على ما أمكن، ولتتكثف جهودهم من أجل تحصين الموقف الوطني الفلسطيني من ترمب ومبادرته،  ولتتواصل الجهود والمحاولات الرامية لاستكمال المصالحة واستعادة الوحدة،، ولن يُسعِد الشعب الفلسطيني أكثر من أنباء انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني ثانية، بعد ستة أشهر أو عام، وبأعلى درجات الاستعداد والتحضير، وبمشاركة الجميع دون استثناء، وخارج الأرض المحتلة، فلماذا يجري تصوير قرار عقد المجلس بعد شهرين، بوصفه “نهاية التاريخ”، أو إعلانًا لطلاق بائن بينونة كبرى؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجلس الوطني عن «الضرورة» و«الفزاعة» المجلس الوطني عن «الضرورة» و«الفزاعة»



GMT 07:19 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

شكراً لعدم قتل العالم

GMT 07:17 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

GMT 07:05 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

محمد السادس «مخزن» الوضوح السياسي

GMT 06:01 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

ليست لغزاً ولا يحزنون

GMT 05:59 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

الزلزال القادم

GMT 18:42 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

الأميرة للا مريم تترأس اجتماعا بالرباط
المغرب اليوم - الأميرة للا مريم تترأس اجتماعا بالرباط
المغرب اليوم - جراحون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي

GMT 06:51 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 17:53 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

محمد صلاح يضيف لرصيده 3 أرقام قياسية جديدة

GMT 13:50 2012 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

البيئة النظيفة.. من حقوق المواطنة

GMT 21:44 2021 الأحد ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أشهر الوجهات السياحية المشمسة في الشتاء

GMT 00:48 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إسبانيول يفاجئ ريال مدريد بخسارة مؤلمة

GMT 00:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة "قناة رقمية" تثير تساؤلات في جامعة أكادير

GMT 21:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك تغييرات في حياتك خلال هذا الشهر

GMT 22:47 2012 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

إشتقت إلى الرقص الشرقي وسعيدة بـ"30 فبراير"

GMT 11:34 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

بايرن ميونخ يرفض رحيل توماس توخيل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib