إسبانيا بين الإرهاب والانفصال

إسبانيا بين الإرهاب والانفصال

المغرب اليوم -

إسبانيا بين الإرهاب والانفصال

بقلم - ادريس الكنبوري

إسبانيا تقف على أعتاب مواجهة سياسية لا يمكن التنبؤ بما ستؤول إليه، إذ رغم الرفض المستمر للحكومة المركزية خلال الفترات الماضية لإجراء أي استفتاء في كاتالونيا يؤدي إلى الانفصال.

تعيش إسبانيا على صفيح ساخن هذه الأيام، بسبب تزايد التهديدات الإرهابية على أراضيها بعد الهجمات التي حصلت في إقليم كاتالونيا شمال شرق البلاد في شهر أغسطس الماضي، واستعداد الحكومة المحلية للإقليم لإجراء استفتاء حول الانفصال عن إسبانيا في الأول من أكتوبر المقبل.

ولا تتخوف الحكومة المركزية في مدريد فقط من تداعيات الاستفتاء على الوحدة الوطنية المكرسة في دستور 1978، واحتمال أن تلتحق أقاليم أخرى بإقليم كاتالونيا وتسعى إلى الانفصال عن الدولة، بل تتخوف أيضا من الانعكاسات التي يمكن أن تترتب على هذا التوجه لدى الحكومة الانفصالية في الإقليم على السياسة الوطنية الشاملة لمحاربة الإرهاب.

بوادر الصراع بين الحكومة المركزية والحكومة المحلية بالإقليم بدأت غداة وقوع هجمات برشلونة يوم 17 أغسطس الماضي، فقد رفضت قوات الأمن الكاتالانية المحلية، المسماة “الموسوس″، التنسيق مع الأجهزة الأمنية الوطنية في مباشرة التحقيقات حول تلك الهجمات، وأغلقت في وجهها الباب رافضة إشراكها. ودفع هذا الموقف كلا من الحرس المدني الإسباني والشرطة الوطنية إلى إصدار بيان ناري في اليوم التالي للهجوم الإرهابي، نددا فيه بإقصائهما من مجريات التحقيق، وبعدم إبلاغهما بالمعلومات المتعلقة بالتفجير الذي حصل في حي الكنار وتوفي فيه الإمام المغربي عبدالباقي السطي، الذي قيل بأنه كان وراء تجنيد الشبان الآخرين لفائدة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.

واستنكر الناطق الرسمي باسم الحرس المدني، خوان فيرنانديز، غياب التعاون والتنسيق بين قوات الأمن الكاتالانية ومختلف الأجهزة الأمنية في البلاد، مشيرا إلى أن هذا التنسيق كان يمكن “أن يفتح طرقا جديدة في التحقيقات الجارية” وأعلن أن عدم التنسيق سيجعل محاربة الإرهاب مهمة صعبة بالنسبة لإسبانيا في المستقبل.

تبنى برلمان الإقليم الذي تسيطر عليه أحزاب مؤيدة للانفصال الأربعاء الماضي قانونا لتنظيم الاستفتاء على الاستقلال التام عن إسبانيا يوم 1 أكتوبر المقبل، وشرعت الحكومة المحلية في تعليق الملصقات الدعائية التي تحث المواطنين على التصويت بكثافة. بيد أنه ما كادت جلسة البرلمان تفتتح على وقع النشيد الكاتالاني المحلي حتى أصدرت المحكمة الدستورية، وهي أعلى مؤسسة قضائية في البلاد، قرارا بإلغاء القانون الذي تم التصويت عليه بالأغلبية المريحة، باعتباره غير قانوني ومخالفا للدستور.

وتشير جميع المؤشرات إلى أن إسبانيا دخلت أزمة سياسية وقانونية كبرى، يزيد في استفحالها التهديد الإرهابي المخيم على البلاد، والأزمة الاقتصادية المستمرة، وذلك على وقع الخلاف القوي بين مدريد وحكومة كاتالونيا. فقد أعلنت النيابة العامة الإسبانية الخميس الماضي فتح ملاحقات قضائية بحق قادة الإقليم الداعين إلى الاستفتاء، وأعلنت أنها ستأمر بمصادرة المعدات والوسائل التي تم تحضيرها لتنظيم الاقتراع، كما أمرت الحكومة المركزية جميع رؤساء البلديات في إقليم كاتالونيا بالامتناع عن فتح مقرات البلديات أمام الحكومة المحلية لتنظيم الاقتراع، سعيا وراء إفشاله في حال ما إذا تشبثت به الحكومة المحلية، وهو ما يقدمُ دليلا على وجود حرب أعصاب بين الطرفين، وعلى الشكوك في نوايا حكومة كاتالونيا بعدم الإذعان لقرار المحكمة الدستورية.

وترى حكومة كاتالونيا أن الطريق الأقصر للحصول على الاستقلال هو وضع حكومة مدريد أمام الأمر الواقع ورفع راية التحدي في وجهها، دون التقيد بالإجراءات القانونية التي ينص عليها الدستور الإسباني. فهذا الأخير يقرر أن أي تغيير في النمط السياسي لأي إقليم في البلاد يجب أن يحظى بتأييد ثلثي البرلمان الوطني ومثله في البرلمان المحلي، وأن ”القرارات السياسية ذات الطبيعة الخاصة” لأي إقليم، وعلى رأسها استفتاء تقرير المصير، يجب أن تعرض على استفتاء عام يشارك فيه جميع المواطنين الإسبان.

إسبانيا تقف على أعتاب مواجهة سياسية لا يمكن التنبؤ بما ستؤول إليه، إذ رغم الرفض المستمر للحكومة المركزية خلال الفترات الماضية لإجراء أي استفتاء في كاتالونيا يؤدي إلى الانفصال، إلا أن الزعماء المحليين للإقليم ظلوا مصرين على خيارهم، وهو خيار يمثل خطرا على وحدة البلاد ومستقبلها ويؤثر على الوضع الأمني، بل إنه قد يساعد الجماعات الإرهابية على تنفيذ هجمات دموية مستغلة غياب التعاون والتنسيق بين الحكومتين المركزية والمحلية، خاصة في يوم الاستفتاء الذي قد يشهد مواجهات بين أنصار الانفصال ومعارضيه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسبانيا بين الإرهاب والانفصال إسبانيا بين الإرهاب والانفصال



GMT 13:59 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

مهرجان كان الـ77 يرسم ملامحنا ونرسم ملامحه

GMT 13:44 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

الصديق الثرثار

GMT 13:42 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

«فيتنام بايدن» في الجامعات الأميركية؟

GMT 13:40 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

أين الزلازل يا شيخ فرنك؟

GMT 13:36 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

كوندورسيه يلتحف الكوفية

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

أبوظبي ـ المغرب اليوم

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 23:13 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

الوداد الرياضي يٌعلن فتح باب الانخراط بالنادي

GMT 07:57 2021 الإثنين ,27 كانون الأول / ديسمبر

الطاقة الشمسية تجمع المغرب ونيجيريا

GMT 17:42 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:29 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

منفذة هجوم كاليفورنيا تعلمت في مدرسة دينية باكستانية

GMT 09:31 2023 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

حليب جوز الهند يعالج البشرة الجافة

GMT 21:26 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة جديدة عن فوائد المخدرات للمرتبطين

GMT 11:19 2014 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

اخطاء وخطايا النخبة

GMT 06:39 2016 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

Ralph&Russo Couture Spring/Summer 2016

GMT 01:57 2021 الخميس ,01 إبريل / نيسان

مجوهرات لؤلؤية فاخرة موضة صيف 2021

GMT 16:02 2019 الأربعاء ,24 تموز / يوليو

استقالة هشام الدميعي من تدريب أولمبيك آسفي

GMT 19:47 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

الفنان حاتم إيدار يخضع للعلاج بعد نجاته من حادث مروّع

GMT 10:25 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

الروبوت "فورفيوس" يتمكن من ممارسة لعبة تنس الطاولة

GMT 11:09 2014 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة تسوّس أسنان الأطفال تنشر بسرعة في بريطانيا

GMT 20:37 2013 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تأجيل زفاف ابنة أميرة موناكو والمغربي جاد المالح
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib