بطاقة الشرفا أو صكوك الغفران المغربية
قتيلتان فلسطينيتان برصاص الجيش الإسرائيلي وقصف مدفعي وجوي على غزة هزة أرضية بقوة 3.9 درجات تضرب مدينة اللاذقية على الساحل السوري دون تسجيل أضرار محكمة الاستئناف في تونس تؤيد سجن النائبة عبير موسي رئيسة الحزب الحر الدستوري عامين وفاة تاتيانا شلوسبرغ حفيدة الرئيس الأميركي جون إف كينيدي عن عمر 35 عامًا بعد معاناة مع سرطان الدم إرتفاع عدد الشهداء الصحفيين الفلسطينيين إلى 275 منذ بدء العدوان على قطاع غزة إسبانيا تمنح شركة إيرباص إستثناءً لاستخدام التكنولوجيا الإسرائيلية رغم حظر السلاح بسبب حرب غزة الجيش الصومالي يقضي على أوكار حركة الشباب في شبيلي السفلى ويستعيد مواقع إستراتيجية إحتجاجات حاشدة في الصومال رفضاً لاعتراف إسرائيل بصومالي لاند وتصعيد دبلوماسي في مجلس الأمن البرلمان الإيطالي يقر موازنة 2026 ويمنح الضوء الأخضر النهائي لخطة خفض العجز هزة أرضية بلغت قوتها 4.2 درجة على مقياس ريختر تقع عرض البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل السورية
أخر الأخبار

بطاقة الشرفا أو صكوك الغفران المغربية

المغرب اليوم -

بطاقة الشرفا أو صكوك الغفران المغربية

توفيق بوعشرين

حسنا فعل وزيرا الداخلية والعدل عندما أعلنا الحرب على مئات الآلاف من بطاقات الشرفا التي يستعملها عدد من المواطنين للإفلات مع العقاب، أو التملص من القانون، أو الحصول على امتيازات، وإيهام العامة بأن هذه البطائق تعطي حاملها قيمة واعتبارا في مجتمع متخلف يقسم المواطنين إلى شرفاء وغير شرفاء، ويرتب على الانتساب العرقي المزعوم إلى سلالة النبي (ص) امتيازات وحقوقا وخدمات وريعا ومكانة لا تُعطى لمن لا ينتسب إلى الشجرة النبوية التي وضعها نقباء جلهم احترفوا الاتجار باسم الشرفا، وحماية دمائهم النقية وشجرتهم المباركة ودوحتهم الميمونة…

لقد أعطى وزيرا العدل والداخلية الضوء الأخضر للشرطة ووكلاء الملك والولاة والعمال والقياد لمتابعة كل من يشهر بطاقة الشريف المخططة بالأخضر والأحمر أمام المحاكم، وكان الأولى أن تحل وزارة العدل، أولا، روابط الشرفاء الأدارسة والعلويين الذين يبيعون هذه البطائق، ويبيعون معها الوهم والتخلف والميز العنصري لمجتمع مازال الجمود والتخلف يثقل رجليه نحو التقدم والتحرر والتغيير والإصلاح، دعك من الحداثة، فهذه تظهر في بلادنا وكأنها إشاعة أو فيلم من الخيال العلمي…

 تجارة كاملة نبتت على ضفاف روابط الشرفا الكثيرة في بلادنا، وجمعياتهم المنتشرة في كل مكان تبيع بطائق تقضي كل الحاجات وتفتح كل الأبواب، وتحمي صاحبها من الإدارة والشرطة والقانون وحتى الجيران. أكثر من هذا، تطورت هذه التجارة فأصبح النقباء يطبعون les vignettes التي توضع على واجهة السيارات لتقي صاحبها هجمات «الديبناج» و«الصابو»، وتجعل سيارة صاحب الشارة الملونة بالأخضر والأحمر intouchable، ولأن عائدات هذه الصكوك المقدسة تدر أرباحا كبيرة، فإن روابط الشرفا، وكأي شركة تسعى إلى الربح وتنويع منتوجاتها وخلق دوافع لاستهلاك بضاعتها، أصدرت قائمة أسعار شجيرات النسب الشريف، تظهر أن فلانا بن علان يرجع نسبه إلى الحسن أو الحسين، ومنهما إلى فاطمة الزهراء، ثم محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، وبهذه الطريقة وسع النقباء قائمة زبنائهم من الذين يتهافتون على لقب لالة وسيدي، ويعلقون شجرة نسبهم الشريف في صدر الصالون أو المكتب أو في محافظ نقودهم لإشهارها وقت اللزوم، حتى إن النسب الشريف وجد طرقا سرية بين علم الأنساب إلى كل واحد، عربيا كان أو أمازيغيا أو أندلسيا أو إفريقيا أو حتى أجنبيا. أعرف فرنسيا في البيضاء يعلق شارة على سيارته الفاخرة مكتوب عليها «شرفاء الأدارسة وأبناء عمومتهم رعايا صاحب الجلالة»، وتحت الخطين الأحمر والأخضر العبارة المفتاح: «يجب احترام صاحب هذه الشارة». لقد حول النقباء، الذين يحرسون النسب الشريف في بلادنا، محمد بن عبد الله (ص) إلى آدم جديد أبي جميع البشر. هل تخطر على رؤوسكم هذه الحيلة غير الشريفة…

 الشرفا لم يتركوا بدعة إصدار شجيرات النسب الشريف في حدود بلادنا، بل صدروها إلى الخارج، ووجدوا خليجيين وأفارقة يدفعون بالدولار مقابل التنقيب في سلالة عائلاتهم عن جد مجهول يرجع إلى سلالة علي أو فاطمة أو الحسين أو غيرهم من آل البيت، حتى إن واحدا من نقباء هذه الروابط انتقل من المغرب إلى ليبيا في عهد العقيد معمر القذافي، حاملا معه شجرة نسب هذا الأخير التي وجد لها الشريف المغربي صلة بآل البيت، فوثق هذا النسب المزعوم لقبيلة القذاذفة، ودخل على القائد الثائر، الذي لم يكن يؤمن أصلا بالسنة النبوية ولا سيرة محمد كما صرح في إحدى خطبه البلهاء، فلما رأى القذافي شجرة عائلته وهي تمتد عبر 14 قرنا إلى النبي (ص) ضحك من صاحبنا، وقال له: «أنا أعرف أنني من آل البيت، لكنني محتار في عدد الشجيرات التي بحوزتي عن نسبي الشريف. لقد سبقك آخرون إليّ، وكل واحد يرسم لعائلتي وقبيلتي طريقا مختلفا إلى آل محمد»، وقبل أن ينهي الزعيم الأخضر المقابلة مع النقيب المغربي، أوصى حرسه الثوري بإكرام الشريف، فهو اجتهد ولكل مجتهد أجر حتى لو أخطأ…

هذه الحكايات وغيرها كثير عن الشرفا وعن طرائفهم وعن تلاعبهم بمشاعر الناس الدينية، تصلح تمارين في السوسيولوجيا المغربية، وفي عينات من السلوكات التي تحتاج إلى دراسة لمعرفة خصائص المجتمع المغربي، ومفعول خلط الدين بالسياسة بالنسب الشريف في سلوك السلطة والمخزن بالتحديد.. المخزن الذي رعى لقرون هذا النوع من الاعتقادات لأهداف أخرى.

السياسة مثل الدواء لديها دائماً آثار جانبية على صحة الإنسان، وفي بعض الأحيان تكون هذه الآثار خطيرة على حياة البشر. هذه هي حكاية بطاقة الشرفا، وزد عليها ظهائر التوقير التي كان يصدرها المخزن قبل الاستقلال لبعض العائلات ذات الحظوة، ومازال بعض الأحفاد إلى اليوم يتبجحون بها ويشهرونها في وجه خصومهم، وهذا موضوع سنرجع إليه بتفصيل أكثر… إلى اللقاء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بطاقة الشرفا أو صكوك الغفران المغربية بطاقة الشرفا أو صكوك الغفران المغربية



GMT 00:42 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

الخطاب وإرادة الإصلاح (3)

GMT 00:36 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

مفكرة السنة الفارطة

GMT 00:32 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

هل هناك صندوق أسود للتاريخ؟

GMT 00:29 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو أمامَ محكمة الرُّبع الأول

GMT 00:26 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

«بيت من الديناميت» ووهم الأمن الأميركي

GMT 00:23 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

مسلة فرعونية مقابل ساعة ميكانيكية!

GMT 00:20 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

بريجيت باردو.. «وخلق الله المرأة»!

GMT 00:17 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

صُباع الزمّار في لندن

النجمات يتألقن بلمسة الفرو في الشتاء

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:07 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

رحلة سياحية لاكتشاف فرنسا بعيون جديدة في عام 2026
المغرب اليوم - رحلة سياحية لاكتشاف فرنسا بعيون جديدة في عام 2026

GMT 23:07 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

زيلينسكي ينفي استهداف مقر بوتين وماكرون يكذب موسكو
المغرب اليوم - زيلينسكي ينفي استهداف مقر بوتين وماكرون يكذب موسكو

GMT 08:10 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

نباتات تضيف لمسة طبيعية إلى ديكور منزلكِ في 2026
المغرب اليوم - نباتات تضيف لمسة طبيعية إلى ديكور منزلكِ في 2026

GMT 19:02 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 07:57 2019 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

احتفال رسمي بمناسبة عودة أول رائد فضاء إماراتي

GMT 03:00 2019 الأحد ,03 شباط / فبراير

جهاز مبتكر يُجفّف فرو الكلاب في 10 دقائق فقط

GMT 19:24 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل "عودة الروح" يعود من جديد يوميًّا على "ماسبيرو زمان"

GMT 09:03 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

كندة علوش تعود لموسم دراما رمضان 2025 عقب غياب ثلاث سنوات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib