بنكيران والبام أبغض الحلال

بنكيران والبام.. أبغض الحلال

المغرب اليوم -

بنكيران والبام أبغض الحلال

توفيق بو عشرين

ترك بنكيران الباب نصف مفتوح حول مستقبل تحالف حزبه مع حزب الأصالة والمعاصرة في المقبل من الأيام. وقال رئيس الحكومة، في حوار أجراه مع صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية جوابا عن سؤال الزميل حاتم البطوي الذي جاء بهذه الصيغة: «السياسة هي فن الممكن.. في حكومتكم الحالية تحالفتم مع التجمع الوطني للأحرار بعد خصومة لدودة، وهذا يدفعني لسؤالك: ما إمكانية التحالف مع خصمكم اللدود، حزب الأصالة والمعاصرة، إذا تطلبت نتائج الانتخابات المقبلة ذلك؟».

ماذا قال بنكيران جوابا عن هذا السؤال؟ لنقرأ نص الجواب أولا ثم نعلق عليه ثانيا.

«أود أن أوضح أن الخصومة مع الأحرار كانت طارئة ولم تكن أصلية. هذا حزب موجود منذ سنوات طويلة، حتى وهو في الحكومة ونحن في المعارضة، كان في العموم هنالك نوع من التعاطف والود بين نوابنا ونوابهم… لهذا فالمقارنة بينه وبين حزب الأصالة والمعاصرة ليست في محلها. وفي تقديري أنه في السياسة يجب عدم رهن المستقبل. المستقبل في علم الغيب، والغيب لا يعلمه إلا الله، فحزبنا حزب عنده منطق في مقاربة الأشياء. هذا المنطق يجعل دائما مصلحة البلد سابقة على مصلحة الحزب».

هذا الجواب يعني أن الاقتراب من «البام» والتحالف معه ممكن، أي أنه حلال وليس حراما، لكنه يشبه الطلاق.. إنه «أبغض الحلال»، وإذا كان بنكيران لا يضع حزب الجرار، الذي أسسه فؤاد عالي الهمة سنة 2008، في نفس مكان حزب الحمامة الذي أسسه أحمد عصمان سنة 1977 (وكلاهما حزبا سلطة ولدا في حجرها وتربيا على نعمها ويخدمان استراتيجيتها)، فهذا لا يعني أنه ضد التحالف مع الأصالة والمعاصرة نهائيا.

بنكيران يعرف بالموقع الذي يشغله اليوم، وبحسه السياسي وبفهمه الجديد لقواعد اللعبة في الدولة يدرك أن هناك في قلب مربع الحكم من لايزال يعتبر حزب الأصالة والمعاصرة بضاعة سياسية قابلة للاستعمال والتوظيف، وأن الربيع المغربي لم يحرق كليا هذا الحزب، الذي كان قاب قوسين أو أدنى من إمساك الحكومة في 2012 بعد أن حصد الجرار المرتبة الأولى في الانتخابات الجماعية لسنة 2009، لكن خروج 56 تظاهرة في الأركان الأربعة للمملكة تحمل شعار «البام ديكاج» في مسيرات 20 فبراير جعل مهندسي الأصالة والمعاصرة يرجعون إلى الوراء، ويطأطئون رؤوسهم أمام الموجة إلى أن تمر… الآن الموجة مرت، والأحزاب التقليدية المفترض أن تمارس المعارضة، وأن تنافس بنكيران وحزبه على زعامة الشارع، إما تحتضر غارقة في انقساماتها ومشاكلها الداخلية، أو تائهة تبحث في خردة الشعبوية عن خطاب يليق بالتشويش على بنكيران، وليس بناء بديل عن سياسته وبضاعته. ما الحل، إذن، لوقف زحف «البي جي دي»؟

كان الحل في البداية أمام جناح في السلطة، هو تقييد حركة بنكيران وحزبه في الحكومة حتى لا يجري سريعا في مضمار السلطة وليس أمامه منافس، ثم عندما أظهر رئيس الحكومة الملتحي صبرا ومرونة غير منتظرين، أصبح الهدف هو شق الأغلبية، ودفع البلاد إلى انتخابات سابقة لأوانها لأن الأغلبية غير موجودة، وكان الجناح المتشدد في الدولة ينتظر من بنكيران أن يستقيل من منصبه وقد أمضى 60 يوما وهو يتفاوض مع حزب الأحرار على اقتسام مقاعد الحكومة وكأنهما «يعيدان التفاوض حول اتفاقية إكس ليبان»، وعندما تنازل رئيس الحكومة وقبل كل شروط الأحرار، وقبل عودة التقنوقراط القوية إلى الداخلية والتعليم في النسخة الثانية من الحكومة… عندما قبل الانحناء للعاصفة أصبح الهدف هو: إذا كان المصباح قويا ومرنا ويمكن الاستفادة منه، فالحل هو إدخال حزب الأصالة والمعاصرة معه في حكومة 2016 ليكتسب حزب السلطة شهادة ميلاد شرعية موقعة من قبل عدوه اللدود العدالة والتنمية، لهذا وجب الاشتغال من الآن على هذا السيناريو من الآن لخلق واقع جديد ومحفزات وحجج تقنع المتشددين سياسيا في العدالة والتنمية بالقبول بالعدو الرئيس لهم كشريك في الحكومة المقبلة. وأولى هذه الحجج هي «مساعدة» الأصالة والمعاصرة على الفوز بالمرتبة الأولى في الانتخابات الجماعية، عن طريق فتح المجال لأعيانه وسماسرته للفوز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات الجماعية، وذلك بإبقاء نمط الاقتراع على حاله واللوائح الانتخابية على حالها، والتقطيع كما هو أو برتوشات قليلة لا تغير في جوهر النظام الانتخابي الذي يعطي الأعيان والمال السياسي الكلمة الفصل…

إذا لم يدخل الجرار إلى الحكومة المقبلة في 2016، فهذا معناه أنه معرض للانهيار أو للضعف الشديد، كما هو حال الاتحاد الدستوري اليوم، وهذا سيناريو يرعب أطرافا في الدولة تخشى انهيار لعبة التوازن في الحقل الحزبي. هذا النوع من الأحزاب خُلق ليكون في الحكومة لا ليناضل في المعارضة، وبنكيران يعرف هذا جيدا، ويعرف أن «البام» مشكلته، وهناك من يريد أن يجعل من «البام» حله أيضا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بنكيران والبام أبغض الحلال بنكيران والبام أبغض الحلال



GMT 21:52 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

لبنان المؤجَّل إلى «ما بعد بعد غزة»

GMT 20:10 2024 السبت ,25 أيار / مايو

مفكرة القرية: السند

GMT 20:01 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الإصغاء إلى «رواة التاريخ»

GMT 19:58 2024 السبت ,25 أيار / مايو

القضية الفلسطينية في لحظة نوعية

GMT 19:55 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الدولة الفلسطينية ودلالات الاعترافات

GMT 19:53 2024 السبت ,25 أيار / مايو

«الجنايات»: الحقائق غير التمنيات!

GMT 19:51 2024 السبت ,25 أيار / مايو

ذكريات العزبى!

GMT 19:49 2024 السبت ,25 أيار / مايو

حوارات إستراتيجية !

إطلالات الملكة رانيا في المناسبات الوطنية تجمع بين الأناقة والتراث

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:41 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل المستحضرات للحصول على بشرة خالية من الجفاف في خريف 2021

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 13:13 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

إنشاء مضمار خاص لسباق الهجن في القرية السعودية للإبل

GMT 02:25 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

أفكار لتقسيم المساحات الكبيرة في المنزل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib