إيران تستعيد وعيها سعودياً

إيران تستعيد وعيها سعودياً

المغرب اليوم -

إيران تستعيد وعيها سعودياً

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

ليس في استطاعة لبنان ركوب قطار التطوّرات المتسارعة في المنطقة، كما يقترح المبعوث الأميركي توم بارّاك الذي ركّز، غير مرّة أثناء وجوده في بيروت، على أهمّية ما تشهده سوريا. كان يشير بوضوح إلى العلاقة التي تتحسّن بين سوريا وإسرائيل وإلى الاتّصالات غير المباشرة بين الجانبين.

في الوقت ذاته، ليس في استطاعة لبنان، بوضعه الحالي، البقاء خارج القطار، أي خارج مسيرة رسم التاريخ الجديد للمنطقة، وهي مسيرة بدأت مع “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/تشرين الأوّل 2023. يعطي هذا العجز عن ركوب القطار والعجز الآخر الذي يتمثّل في عدم القدرة على البقاء خارجه، فكرة عن المأزق اللبناني.

أدّى هذا المأزق إلى تراجع أهمّية لبنان أميركيّاً. لم يعُد للبنان مبعوث أميركي خاصّ به، كما كانت الحال مع مورغان أورتاغوس. يتولّى توم بارّاك الملفّين السوري واللبناني في آن. من الواضح أنّ الأولويّة لديه للملفّ السوري في حين يدعو اللبنانيين إلى حلّ مشكلة “الحزب” داخليّاً، كما لو أنّ “الحزب” هبط على لبنان من السماء وليس من خيرات “الجمهوريّة الإسلاميّة” على البلد!

مع هجوم “طوفان الأقصى” الذي شنّته “حماس” وردّ الفعل الإسرائيلي عليه، تغيّر الشرق الأوسط جذريّاً، خصوصاً مع سقوط المشروع التوسّعي الإيراني وانتقال الحرب إلى داخل “الجمهوريّة الإسلاميّة”، حيث يدافع “المرشد الأعلى” علي خامنئي عن النظام عبر رفع شعارات ذات طابع إيرانيّ بحت بعيداً عن شعارات “الثورة الإسلاميّة” والرغبة في تصدير الثورة إلى دول الجوار.

ليس في استطاعة لبنان ركوب قطار التطوّرات المتسارعة في المنطقة، كما يقترح المبعوث الأميركي توم بارّاك
إيران تستنجد بالجوار

من المفارقات أنّ “الجمهوريّة الإسلاميّة” باتت، في ضوء الضربات الإسرائيليّة والأميركيّة، تستنجد بجيرانها العرب، في مقدَّمهم المملكة العربيّة السعوديّة، بغية حماية نظامها من جهة، وإظهار حسن سلوكها في منطقة الخليج من جهة أخرى. ليست زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي للمملكة حيث التقى وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان سوى تعبير عن بداية استعادة إيران لوعيها من جهة، ولضرورة مواجهة الواقع الإقليمي الجديد من جهة أخرى.

في الأمس القريب، كان بين هموم إيران كيفيّة طرد أيّ وجود عربي، من أيّ نوع، من لبنان. كم بعيدة الأيّام التي كانت فيها “الجمهوريّة الإسلاميّة” تستغلّ موسم الحجّ للتحريض على المملكة أو تستغلّ شخصاً من نوع توجيه الراحل حسن نصرالله لشنّ حملات عدائيّة تستهدف دول الخليج العربي. كم بعيدة أيضاً تلك الأيّام التي كان فيها لبنان موقع تآمر على دول مسالمة مثل مملكة البحرين؟

لا يدرك لبنان حجم التغيير الذي حصل في المنطقة، وهو تغيير يحتاج إلى الارتقاء إلى مستواه، خصوصاً مع سقوط النظام العلويّ في سوريا. مثل هذا السقوط يعني أوّل ما يعنيه سقوط حلف الأقليّات الذي دفع حافظ الأسد إلى قيامه بسبب حقده العميق على أهل السنّة في سوريا ولبنان… والعراق أيضاً.

مع هجوم “طوفان الأقصى” الذي شنّته “حماس” وردّ الفعل الإسرائيلي عليه، تغيّر الشرق الأوسط جذريّاً،
المطلوب من لبنان

ماذا يعني ذلك كلّه؟ مطلوب بكلّ بساطة، قبل أيّ شيء آخر، دور قيادي على مستوى الرئاسات الثلاث في لبنان بعيداً عن الرغبة في تسجيل رئيسٍ نقاطاً على الرئيس الآخر. بقي نوّاف سلام رئيساً للحكومة أم لم يبقَ، الحاجة إلى تفاهم على سياسة عامّة للدولة اللبنانية، تفاهم يأخذ في الاعتبار أنّ لبنان لا يمكن أن يكون في معزل عن التغييرات الإقليميّة.

توجد تجارب عدّة يمكن للبنان الاستفادة منها في هذا المجال. قد تكون التجربة الأولى تلك التي مرّ بها البلد في عهد سليمان فرنجيّة الجدّ بين عامَي 1970 و1976. وقتذاك، لم يستوعب سليمان الجدّ أبعاد التغييرات التي تشهدها المنطقة بدءاً بتدفّق المسلّحين الفلسطينيّين على لبنان وموت جمال عبدالناصر وسيطرة حافظ الأسد على سوريا.

لم يكن الموضوع موضوع الحسّ الوطنيّ لسليمان الجدّ بمقدار ما كان موضوع ثقافة سياسية ومعرفة بشؤون المنطقة والعالم تتجاوز السياسات الداخليّة. لم يفهم رئيس الجمهورية وقتذاك، وكان يمتلك صلاحيّات مختلفة عن رئيس الجمهورية الحالي بموجب دستور ما بعد الطائف، مغزى اضطراره إلى استقبال وزير الخارجية الأميركي هنري كسينجر في مطار رياق العسكري في البقاع. انعكس ذلك لاحقاً على لبنان بعدما فهم كسينجر أنّ البلد في حاجة إلى وصيّ خارجي… وقد أتى بالوصيّ السوري لاحقاً بطلبه من حافظ الأسد إدخال جيشه إلى لبنان.

يفترض بلبنان في الوقت الحاضر التصرّف كبلد يمتلك فيه الرؤساء الثلاثة صفات قيادية تستند إلى فهم لواقع  مرحلة ما بعد “طوفان الأقصى”. ليس كافياً الكلام عن “حصريّة السلاح”، بل لا بدّ من الكلام عن كيفيّة تجاوز هذه المشكلة التي ستؤدّي في حال استمرارها إلى تعميق المأزق السياسي وتهديد وجود الدولة اللبنانية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران تستعيد وعيها سعودياً إيران تستعيد وعيها سعودياً



GMT 12:05 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

ما هذا يا دكتور أشرف؟!

GMT 17:51 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 17:49 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

عن الصور والمصورين.. والشخصيات العامة

GMT 17:45 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 17:43 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 17:41 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 17:37 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 17:33 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:04 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحوثي يتوعد أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال
المغرب اليوم - الحوثي يتوعد أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 14:51 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

شادية

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

رحلة إلى العصور الوسطى في بروغ البلجيكية

GMT 20:26 2016 السبت ,15 تشرين الأول / أكتوبر

هل التقدم في السن يمنع تعلم أشياء جديدة؟

GMT 21:44 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

العطور وتفاعلها مع الزمن

GMT 12:02 2018 الخميس ,24 أيار / مايو

"سواروفسكي" تطرح مجوهرات خاصة بشهر رمضان

GMT 06:08 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

ألماس فريدة من نوعها للمرأة الاستثنائية من "ليفيف"

GMT 16:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الكشف عن تفاصيل تعاقد بنشرقي مع الهلال السعودي

GMT 02:18 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

نادين نسيب نجيم تُعلن حقيقة المشاركة في مسلسل "الهيبة"

GMT 02:37 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

الحواصلي يؤكد استعداد حسنية أغادير للبقاء في المقدمة

GMT 03:28 2017 الجمعة ,22 أيلول / سبتمبر

أمل كلوني تدعو الدول إلى ضرورة محاكمة "داعش"

GMT 09:03 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فكري سعيد بتأهل خنيفرة إلى ربع نهاية كاس العرش
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib