أنفسنا أصابها الجفاف

أنفسنا أصابها الجفاف!

المغرب اليوم -

أنفسنا أصابها الجفاف

أسامة الرنتيسي
بقلم : أسامة الرنتيسي

 لرمضان والصيام جزء بسيط من حالة الغضب والنرفزة لدى بعض الأردنيين، لهذا تدفعك مشاهد الضيق على وجوه الأردنيين، وعلامات الغضب على وجوه الأصدقاء إلى الهروب إلى أقبية السؤال: ماذا بعد؟

“سقى الله أيام الزمن الجميل”. جملة تسمعها كثيرا على ألسنة الناس، وكأن الزمن فعلا قد تغير إلى الأسوأ كثيرا.

المُحبَطون، وهم كثيرون، يرددون : “الأردن قبل 30 عاما كان أجمل، والمجتمع أكثر أمنا وأكثر رخاء، وحياة الناس كانت أكثر دفئا وحميمية، والبلاد في حالة تطور، والناس يحب بعضهم بعضا”، فهل المشكلة في “الزمن الجميل” الذي ولّى بغير رجعة، أم فينا نحن؟ من الذي يريد أن يمسك قرن الزمن ليعيده إلى الخلف وصولًا إلى الفردوس المفقود؟

حين تتردد في أيامنا عبارة الزمن الجميل، فالمقصود بها هو الماضي الذي تسرّب منّا، ولم يتبق منه سوى الذكريات والأطلال، فهل كان الماضي بالفعل جميلًا ولم يكن فيه كل هذا الشقاء؟! وخاليًا من الفقر والمرض والجهل؟ أم أنه امتاز بهذه القيمة لأنه مضى ولن يعود؟

الماضي مهما كان جميلًا فقد كان أشدّ قسوة على الإنسان من الحاضر، ومتوسط أعمار الناس كان ثلاثين عامًا فقط في بعض الأزمنة، إذ كان بمقدور فأر مريض أن يتسبب في وباء يدمر حضارة.

لاحظوا كيف يواجه العالم اليوم الأوبئة. ففيروس الكورنا، على سبيل المثال، لو جاء في زمن آخر غير زماننا لفتك بشعوب الأرض مثلما كان يفعل الطاعون، لكن التقدم العلمي والإنساني هذه الأيام قادر على محاصرة الأوبئة كلها، ويقود المجتمعات إلى التقدم والرقي.

حتى ذائقتنا الفنية اختلفت. صحيح أن بعضنا يحن إلى الماضي لتجديد شبابه، فيهرب إلى أمسيات غنائية كانت تُبدعها سيدة الغناء العربي أم كلثوم، لكنه هروب إلى المجال الزمني الذي تبددت فيه أيامنا وأعمارنا، ذلك الذي أخذ معه آلامنا وكل ما ناءت به أنفسنا وأكتافنا، ولم يبق منه غير أنفس أصابها الجفاف.

في الزمن الماضي، كانت أم كلثوم تغني لنخبة وعلية القوم، بحضور مشترك للزوجين، للحبيب وعشيقته، لم تكن قضية “التعليم المشترك” أو “الاختلاط” أولوية تعليمنا، ولم تكن قضية ارتداء الحجاب والنقاب ساحة صراع مشايخنا، كان الحضور النسائي كله بلا حجاب، فهل كانوا غير مسلمين؟ أم أن الزمن أوجد فينا من يريد أن يجرنا إلى جنّته بالسلاسل، مدعيا أنها بلا موسيقى؟

إن الجميل ليس الزمن الذي مضى ولن يعود، بل أوهام ذاك الزمن التي يغذّيها راهن بالغ القسوة والقيد، وعقليات تريد أن نعيش اليوم بأجندة عمرها تجاوز ألف عام.

دعونا لا نظلم الحاضر، ونحاسبه بقدر ما نقدّم له، لا ما نجلده به يوميا، ففي الماضي كان هناك فقر وجوع وظلم ومرض، والآن هناك جهاز صغير “لابتوب” أو تلفون ذكي يُحضر إليك العالم بين يديك.. فأيهما أجمل إذن؟.

المشكلة فينا، وفي منظومة الأخلاق التي أصابها العطب، حتى وصل الخراب إلى معظم ما كان يستند إليه الإنسان، ليجد فيه الحماية.

الدايم الله…

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنفسنا أصابها الجفاف أنفسنا أصابها الجفاف



GMT 17:58 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

«طلقنى» سينما «الاسكتش»

GMT 17:54 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

فعلها النقيب النبراوى

GMT 17:52 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

النبراوى رئيسا للمهندسين العرب

GMT 17:49 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

صعود الصين؟!

GMT 12:05 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

ما هذا يا دكتور أشرف؟!

GMT 17:51 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 17:49 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

عن الصور والمصورين.. والشخصيات العامة

GMT 17:45 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

القاهرة - المغرب اليوم
المغرب اليوم - عباس عراقجي يرى أن المقاومة ليست مجرد سلاح بل تمثل قوة ناعمة

GMT 22:00 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

الشرطة المغربية تضبط شخصين في مدينة أكادير

GMT 12:33 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

ترمب يعلن احتجاز ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا

GMT 08:08 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق سماعات رأس لاسلكية تعمل بالبلوتوث بـ400 دولار

GMT 12:22 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تعلن عن عطل كهربائي قبيل تحطم طائرة تقل عسكريين ليبيين

GMT 09:03 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

مصطفى بنحمزة يشرف على افتتاح قاعة رياضية نسوية في وجدة

GMT 04:47 2012 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الصحة: 116 مصابًا فى مليونية الثلاثاء وحالة وفاة واحدة

GMT 00:34 2016 الإثنين ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

وصفة عمل حلى شعيرية باكستانية

GMT 20:33 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

إنستغرام يحظر حسابا قديما باسم "ميتافيرس"

GMT 04:41 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

الصحفي والحقوقي اليمني الزبيب يتسلم جائزة رائف بدوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib