هل نتّجه إلى ما بعد السحر
قراصنة صينيون يستهدفون جهات حكومية ببرمجية "Brickstorm" الخبيثة أمطار غزيرة تضرب إسرائيل وتتسبب في أضرار للبنى التحتية وأنظمة الاتصالات لقاعدة جوية زلزال بقوة 6.36 درجة على مقياس ريختر يضرب اليونان المدير الفني لمنتخب مصر السابق حسن شحاته يخضع لعملية جراحية معقدة استمرت 13 ساعة في القاهرة الجيش اللبناني يوقف 6 متورطين في الاعتداء على دورية تابعة لقوة الأمم المتحدة اليونيفيل رئيس الوزراء اللبناني يؤكد أن حزب الله وافق على اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي يحصر السلاح بيد قوات الدولة ماكرون يدين الهجوم الروسي الذي شنه ليلاً على عدة مدن في أوكرانيا وبعلن لقاء زيلينسكي وستارمر وميرز في لندن يوم الاثنين تصاعد التوتر بين طوكيو وبكين بعد تدريبات جوية صينية قرب أوكيناوا وحاملة لياونينج تعزز رسائل القوة في المحيط الهادئ مقتل 11 بينهم أطفال في حادث إطلاق نار يعمّق أزمة العنف المسلح في جنوب إفريقيا الاحتلال الإسرائيلي يداهم منازل في مدينة جنين وبلدة عرابة جنوبا
أخر الأخبار

هل نتّجه إلى ما بعد السحر؟

المغرب اليوم -

هل نتّجه إلى ما بعد السحر

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

يحقّ لكثيرين، كاتب هذه الأسطر واحدٌ منهم، أن يساورهم القلق بشأن الموقع المتضخّم الذي ستشغله إسرائيل – نتانياهو في المنطقة بعد تطوّراتها الإقليميّة الأخيرة، سيّما وقد تحطّمت أو انهارت بلدان المشرق العربيّ جميعاً. مع هذا، سوف يكون من الصعب، ومن الخطأ، عدم الانتباه إلى تحوّلات هائلة تحقّقت وفُرصٍ، لم تكن متوفّرة، توفّرت.


فقبل السياسة وتوازناتها ونفوذ قواها الفاعلة، ربّما بات ممكناً نظريّاً انتقال المشرق، ذهنيّاً ونفسيّاً، إلى ما بعد السحر.

وهذا ليس بالأمر البسيط منظوراً إليه بعين تاريخ المنطقة وتقاليدها. فقبل أن تنحسر العرافة والكهانة والتنجيم، زوّدنا العصر الحديث، خصوصاً من خلال جمال عبد الناصر، بطاقة سحريّة لا يُستهان بها، تنهزم لكنّها تنتصر، وتنكفىء لكنّها تعمّ وتسطع. ولم يتردّد شيوعيّو العراق، إبّان تحالفهم مع عبد الكريم قاسم، في رؤية صورته على وجه القمر، بينما أسبغ البعثيّون على صدّام حسين وحافظ الأسد مواصفات كان البدائيّون يطلقونها على آلهتهم.

ومنذ أربعة عقود فُرض علينا أن نعيش مسحورين، أو أن نتصرّف كما لو أنّنا مسحورون من أجل أن نبدو «وطنيّين» و»طبيعيّين». وقد انطوى السحر هذا، بعدما عزّزه تعاظم العصبيّات الأهليّة والوعي الغيبيّ، وتراجع التعليم، وفَتك بعض القيادات الكاريزميّة بعقل جمهورها، على عناصر عدّة أهمّها صورتنا عن النفس وعن العالم. فقد عُزيت إلى النفس قوّةٌ خرافيّة قيل معها إنّ «زمن الهزائم ولّى»، بحسب عبارة شهيرة لحسن نصر الله. وبدل تطوير حسٍّ نقديّ حيال الذات بقصورها ونواقصها، غدت هذه الذات «أشرف الناس»، فيما لاح «العدوّ» «أوهن من بيت العنكبوت». وبدورها جُعلت الملاحم وثنائيّات الخير والشرّ المطلقين مضموناً للسياسة ووسيلة لتعقّلها. هكذا بات هتاف «الموت لـ...» أقرب إلى نشيد تنشده حنجرة جماعيّة لا تتعب. أمّا «العدوّ» فصارت عداوته من صنف الأفعال القَدَريّة، لا يغيّرها إلاّ فناؤه أو فناؤنا. كذلك أضحى فضاء المنطقة مكاناً تسرح فيه الشياطين والعفاريت، بالكبير منها والصغير، وتمرح.

وكانت الأداة الفضلى لإمرار هذه الجرعة السحريّة وإجازتها تكذيب ما يقوله الواقع ونفي ما تقوله التجارب الحسيّة. وعلى هذا النحو، ومن غير انقطاع، غدت الهزيمة انتصاراً والانتصارُ هزيمة، وصارت الثقافةُ «ثقافةَ المقاومة» التي لا تنتج أدباً أو أفكاراً أو فنّاً أو مسرحاً أو موسيقى، وهذا بينما الحرّيّة والتقدّم تلازمهما عبادة طوطم أعلى منزّه. وإذ صُوّر الموت طريقاً إلى سعادة خالصة، أُطلقت على الحاضر البائس أوصاف مثلى: ذاك أنّ مجرّد وجود المقاومة في هذا الحاضر برهان على تفوّقه على كلّ ماضٍ. أمّا المنطق الضمنيّ لحسبة كهذه فمفاده أنّ المقاومة تلك تلغي كلّ حاجة إلى اقتصاد أفضل واستقرار أمتن وتعليم أحسن وحرّيّات أكثر...

وبموجب ما تمليه «مطاردة الساحرات»، راحت تهم الخيانة والعمالة وما شاكلها تستهدف كلّ مَن تردعه مناعته عن الانسحار، مفضّلاً الاحتكام إلى العقل، أو الاستنجاد بالحقائق. ذاك أنّ السحر «الوطنيّ» يستدعي القول، مثلاً لا حصراً، إنّ عمليّة 7 أكتوبر ستحرّر فلسطين، أو التسليم بأنّ سلاح الحوثيّين سوف «يركّع إسرائيل وأميركا»... وهكذا غدا الكذب، بمعنييه البسيط والأيديولوجيّ، هو القاعدة، وغدا الوطنيّ المقبول مَن يقول إنّ 1 + 1 = 5، فيما التشهير يلاحق مَن يصرّون على أنّ 1 + 1 = 2.

ولأنّ السحر غالباً ما يتطلّب المشهد والمشهديّة، حضرت الحشود في الساحات العامّة لدعمه ولتعزيزه. فالمطلوب لإحداث التأثير الأوسع استخدامُ التماثل في حركة الأجساد، وتلويحها بالقبضات، وهتافها الذي تصرخه الحناجر كلّها في اللحظة نفسها. فبهذا جميعاً يُغزَى الواقع بالمستحيل، ويُدمج فعل الإنسان في فعل الطبيعة الذي لا يُردّ، وهكذا تكون المعجزات. ونعرف كيف برعت النازيّة الألمانيّة في الهندسات الجماليّة التي انكبّ عليها مهندس عمارة كألبرت شبير أو سينمائيّة ومصوّرة كليني رِفنستال حيث دوماً ينتصر «الإيمان» وتنتصر «الإرادة». وكان جوزيف غوبلز شديد الاهتمام بـ «إظهار قوّة ألمانيا العضليّة للعالم» على النحو الذي يسحر هذا العالم ويفقده اتّزانه.

وبدوره رأى الفيلسوف والناقد الألمانيّ فالتر بنجامين، الذي سكّ تعبير «جمْلَنة السياسة» (aestheticization of politics)، أنّ ما تفعله الفاشيّة هنا هو أنّها تُحلّ الصورة محلّ الإنجاز، وتُحلّ الشكل محلّ المضمون، مانحةً الناس تمكيناً وهميّاً يستعاض به عن الامّحاء أمام الديكتاتور وحزبه وأجهزة أمنه.

ولأنّ السحر يرفع توقّعات المسحور إلى سويّة خرافيّة يأتي الهبوط الذي يُحدثه الواقع مؤلماً جدّاً، إذ يهوي بذاك المسحور من مكان شاهق الارتفاع. وهذا، للأسف، بعض ما نراه اليوم.

فالأجدى، والحال هذه، أن نصارع كي نغادر السحر الذي لا يزول بمجرّد زوال السحرة. هكذا نروح نصدّق الحقائق ونكذّب الأكاذيب، ذاهبين إلى ما وراء الصورة والصوت المرتفع والعبارة الحماسيّة وتحريك الإصبع السبّابة. وإنّما بكَنْس السحر على هذا النحو نستعيد العقل، ونستعيد الحرّيّة أيضاً. وكلّما أسرعنا كان ذلك أفضل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل نتّجه إلى ما بعد السحر هل نتّجه إلى ما بعد السحر



GMT 22:21 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

تاج من قمامة

GMT 22:17 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

(أوراقى ١٣)... قبلة من أم كلثوم !!

GMT 22:10 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

هل ستنقرض المكتبات؟

GMT 22:06 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

أزمة فنزويلا وفتنة «الضربة المزدوجة»

GMT 22:04 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

العراق والخطأ الذي كان صواباً!

GMT 19:11 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

نهاية أبوشباب تليق به

GMT 19:08 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

زيارة لواحة سيوة!

GMT 19:05 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

ذئب التربية والتعليم

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 11:49 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

جورج كلوني يعترف بتغيير مساره المهني من أجل أطفاله
المغرب اليوم - جورج كلوني يعترف بتغيير مساره المهني من أجل أطفاله

GMT 00:22 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

ماسك يرد على غرامة إكس ويطالب بإلغاء الاتحاد الأوروبي
المغرب اليوم - ماسك يرد على غرامة إكس ويطالب بإلغاء الاتحاد الأوروبي

GMT 12:48 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان السبت 26-9-2020

GMT 17:35 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 04:00 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

ملابس محجبات باللون الأسود لإطلالات متنوعة

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 21:01 2019 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حسنية أغادير يهزم بني ملال في الدوري المغربي

GMT 13:01 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الفيصلي يقترب من تمديد إعارة الدولي العرسان

GMT 01:18 2014 السبت ,14 حزيران / يونيو

الأظافر تحدد ملامح شخصيتك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib