الجائزة الكبرى

الجائزة الكبرى

المغرب اليوم -

الجائزة الكبرى

سمير عطاالله
بقلم : سمير عطاالله

كان في لبنان أيامنا شيء يسمى «اليانصيب»، «اللوتو» هذه الأيام. ويسمى «الوطني»، لأن إمكانات الفوز بالجوائز متاحة للجميع. وأيضاً لأن الدولة توزّع عائداته في مشاريع خيرية. كانت قيمة «الجائزة الكبرى» آنذاك 50 ألف ليرة، أي ما يكفي لشراء شقّة في بيروت. وعلى رأس السنة كانت الجائزة تتضاعف إلى 200 ألف، أي ثمن مبنى صغير.

لم يكن في طبعي أو في مزاجي أن أشتري ورقة يانصيب، لا في الأيام العادية، ولا في رأس السنة. ولم أكن أتذكّر أن هناك سحباً وجوائز، إلا عندما ينادي الباعة على النتائج بأعلى أصواتهم، كأنهم يؤنبون أمثالي من الذين تخلّفوا عن أحلام الثروة.
رأس السنة كان موعداً لتبادل الهدايا. والأكثر قدرة يرفع الهدية إلى مساعدة. وقد اعتاد أحد بسطاء القرية أن يمرَّ بي للتهنئة بالعام الجديد. لم يكن يتفوّه بأي كلام سوى التمنيات. وكنَّا نهيئ له ما لدينا من فائض ألبسة، ونقدّم له هدية مادية من صلب الدخل. يقدّم لنا التمنيات بقلب نقي، وإلى السنة القادمة.
هذه السنة لم يأتِ فارغ اليدين. كان يحمل أغلى هدية يقدّمها أي مليونير: ورقة يانصيب على الجائزة الكبرى. جفلت وأنا أسحب يدي بعيداً. قلت له، وماذا لو ربحت الورقة فعلاً، كيف سيكون شعورك وفي أي أزمة ضميرية ستضعني فيها: هل أردُّ لك المبلغ كاملاً؟ هل أعطيك نصفه؟ ربعه؟ وماذا سيحدث لي إذا أخفيت الأمر عنك؟ وماذا لو اكتشف أحدهم أن المال الجديد الذي أتصرّف به هو من حقك ومن حق أولادك.
قال لي، أيضاً بكل قلب، أي شيء أحمله إليك سوف يكون رخيصاً وبلا قيمة، أمّا هكذا فسوف تقدّر لي أنني مقدّر لك كل ما تفعله من أجلنا. وسوف تزيد فضلك عليّ، إذا تقبلّت مني هذه الورقة. قلت له أنت أحق بها إذا ربحت، وأنا هذا حظي إذا لم تربح.
ذهب صديقنا ومعه ورقته. وصار كلّما عاد كلّ عام يحمل معه صندوق تفاح، لا يستدعي قبوله أي أزمة ضميرية. ومضيت أنا على عادتي، لا أتذكّر اليانصيب إلا بعد السحب وإعلان النتائج. أما لماذا «السحب»، فلأن المصطلح مترجم عن الفرنسية، أيام الانتداب. الآن يختار الكومبيوتر الأرقام الرابحة. ولم يعد صديقي يزورنا. لقد ربح الجائزة الكبرى في أربعة أبناء لكلٍّ منهم قصة في النجاح. وحكاية قميص أو سترة ارتداها من صديق لأبيه. وعندما أفكّر في ورقة اليانصيب وفي أن أرويها، أخشى أن يظنّ الناس أنها مأخوذة من بلزاك أو دوموباسان. إنها من واقع العمر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجائزة الكبرى الجائزة الكبرى



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:04 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

زوجة واحدة لا تكفي!

GMT 02:01 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 18:51 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

حمد الله ينافس ليفاندوفسكي على لقب هداف العام

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 20:29 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

منة فضالي " فلّاحة" في "كواليس تصوير مشاهدها بـ"الموقف"

GMT 06:46 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماكياج عيون ناعم يلفت الأنظار ليلة رأس السنة

GMT 03:29 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أصالة تبهر جمهورها خلال احتفالات العيد الوطني في البحرين

GMT 07:40 2014 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

اللاعب مروان زمامة مطلوب من ثلاث فرق مغربية

GMT 06:44 2016 الأربعاء ,15 حزيران / يونيو

اختيار هرار الأثيوبية رابع أقدس مدينة في الإسلام

GMT 04:44 2015 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

شركة ألعاب "إيرفكيس" الشهيرة تطلق ألعاب خاصة للفتيات

GMT 09:18 2015 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

هواوي Y6 تبيع 5 آلاف وحدة من الهاتف النقال

GMT 08:19 2023 الثلاثاء ,25 تموز / يوليو

18,9 مليون بطاقة بنكية متداولة بالمغرب سنة 2022

GMT 21:49 2023 الثلاثاء ,07 شباط / فبراير

كارمن بصيبص بأزياء ناعمة وأنيقة تعكس شخصيتها
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib