السيد الرئيس لا يحبُّ النصيحة
قتيلتان فلسطينيتان برصاص الجيش الإسرائيلي وقصف مدفعي وجوي على غزة هزة أرضية بقوة 3.9 درجات تضرب مدينة اللاذقية على الساحل السوري دون تسجيل أضرار محكمة الاستئناف في تونس تؤيد سجن النائبة عبير موسي رئيسة الحزب الحر الدستوري عامين وفاة تاتيانا شلوسبرغ حفيدة الرئيس الأميركي جون إف كينيدي عن عمر 35 عامًا بعد معاناة مع سرطان الدم إرتفاع عدد الشهداء الصحفيين الفلسطينيين إلى 275 منذ بدء العدوان على قطاع غزة إسبانيا تمنح شركة إيرباص إستثناءً لاستخدام التكنولوجيا الإسرائيلية رغم حظر السلاح بسبب حرب غزة الجيش الصومالي يقضي على أوكار حركة الشباب في شبيلي السفلى ويستعيد مواقع إستراتيجية إحتجاجات حاشدة في الصومال رفضاً لاعتراف إسرائيل بصومالي لاند وتصعيد دبلوماسي في مجلس الأمن البرلمان الإيطالي يقر موازنة 2026 ويمنح الضوء الأخضر النهائي لخطة خفض العجز هزة أرضية بلغت قوتها 4.2 درجة على مقياس ريختر تقع عرض البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل السورية
أخر الأخبار

السيد الرئيس لا يحبُّ النصيحة

المغرب اليوم -

السيد الرئيس لا يحبُّ النصيحة

غسان شربل
بقلم : غسان شربل

أحياناً يرفضُ صاحبُ القرار نصيحةً ذهبية كان يمكن للأخذ بها إنقاذُ شعوبٍ وخرائطَ، والحيلولة دون إهدار بحرٍ من الدماء وأمواجٍ من اللاجئين. وتزداد الخطورةُ حين يتعلَّق الأمر برئيس دولة عظمى تتكئ على ترسانةٍ عاتية. مشكلة الأصوات العاقلة أنَّها لا تتوغَّلُ غالباً في أذن صاحبِ القرار، خصوصاً في المنعطفات الحادة ومناخ البحث عن فرصة ثأر أو انتقام، حتى ولو كانت في مكانٍ خطر وغير مناسب.
هذا ما حصل على هامش قمة لحلف «الناتو» عُقدت في براغ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2002. كانَ الرئيس الفرنسي جاك شيراك قلقاً من الغيوم السوداء التي تتجمَّع لتبرير غزو أميركي للعراق. جلسَ قبالةَ جورج بوش الابن، وقالَ له كلاماً صريحاً يشبهُ القراءةَ في السنوات المقبلة. قال شيراك: «إن وقوعَ حرب سيضرب الاستقرار في المنطقة، وسيكون من نتائجه إيصالُ الشيعةِ الموالين لإيران إلى السلطة في بغداد، وتعزيز نفوذ طهران في دمشق ولبنان عبرَ (حزب الله). ثم إنَّ هذه الحرب لن تكون شرعية، فضلاً على أنَّها ستُحدث انقساماً داخل الأسرة الدولية وستمرغ شرف الغرب، كذلك فإنَّها ستتسبَّب في فوضى من شأنها إطلاق موجةٍ من الإرهاب سيكون من الصعب السيطرة عليها».
لم يُظهر بوش أيَّ رغبةٍ في الاستماع إلى النصيحة. كانت أميركا مجروحةً من هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، ونظرَ مستشارو الرئيس الأميركي إلى فرنسا كدولة قديمة خانعة. والرواية من كتاب لموريس غوردو مونتاني الذي كان مستشاراً دبلوماسياً لشيراك، وتولَّى أيضاً منصبَ الأمين العام للخارجية. ولا ضرورةَ للتذكير بالأدلة التي تؤكد صحةَ توقعاتِ شيراك ومعرفته بالتوازنات التاريخية في المنطقة، والتي لم تستوقفْ صقورَ الإدارةِ الأميركية والمحافظين الجدد.
ذكَّرني كلامُ شيراك بما سمعته من رجل كان شاهداً في قصر الرئاسة العراقي في عهد صدام حسين. قال إنَّ طارق عزيز جاءَ إلى العشاء متأخراً وبوجه قاتم. كانَ الشخص الرابع في العشاء الذي أقيم في منزل أحمد حسين رئيس ديوان الرئاسة. كانَ عزيز يدرك أنَّ عباءةَ الصمت هي عباءة السلامة، لكنَّه كانَ يشمُّ رائحةَ الكارثة، وأراد أن يسجّلَ أمام أصدقائه أنَّه لم يساهم في استعجالها.
روى عزيز أنَّ القيادةَ اجتمعت برئاسة صدام حسين (بعد ثمانية أيام من الاجتياح العراقي للكويت). طُرح في الاجتماع موضوعُ ضمِّ الكويت إلى العراق، واعتبارها المحافظةَ التاسعةَ عشرةَ. سارع «رجال الرئيس» إلى الترحيب. قال عزيز إنَّه كوزير للخارجية لفتَ إلى العواقب التي يمكن أن تترتَّبَ على ضمّ دولةٍ عضو في الأمم المتحدة، وأنَّ الغربَ سيستغلُّ الخطوةَ لتأليب الرأي العام الدولي ضد العراق، وتمهيد الأجواء لاستهدافه. قال بعض الحاضرين إنَّ أميركا وإسرائيل لا تحترمان القانونَ الدوليَّ، فأوضح عزيز أنَّ العراقَ دولةٌ متواضعةُ الحجم، ويمكن أن تلحقَ بها أضرارٌ، في حين أنَّ أميركا دولة كبرى.
لاحظ عزيز أنَّ أعضاءَ القيادة لم يستسيغوا كلامَه على الإطلاق، وبدا من عيونهم أنَّهم يُعدون لإثارة غضب الرئيس القائد ضده، فاكتفى بما قاله، وكان الختامُ إعلانَ ضمّ الكويت و«إعادة الفرع إلى الأصل». والحقيقة أنَّ طارق عزيز كان من «رجال الرئيس»، لكنَّه كان يمتاز عن رفاقه ورئيسهم بأنَّه يعرف العالم وموازين القوى فيه. وكان يأمل في حال الأخذ بنصيحته أن ينتقلَ لاحقاً إلى طرح فكرة الانسحاب من الكويت قبل هبوب عاصفةِ الحرب.
أدرك المشاركون في العشاء خطورةَ ما سمعوه. سأل صاحبُ المنزل عزيز عن النتيجة المتوقعة، فاكتفى بالقول: «وحده الله يعلم النتيجة». كان العشاءُ صعباً وكئيباً، وغادر عزيز بشعور مَن تيقَّنَ أنَّ المركبَ يغرق.
في خريف 2021 تجمَّعت لدى الأجهزة الأميركية معلوماتٌ عن استعدادات عسكرية روسية قرب حدود أوكرانيا. تخوَّفت واشنطن من أنَّ الرئيس فلاديمير بوتين قد يكون في طريقه إلى توجيه ضربةٍ إلى أوكرانيا. أوفد الرئيس جو بايدن مدير «سي آي إيه» وليام بيرنز إلى موسكو حاملاً ما يشبه النصيحة والتحذير. أوصل بيرنز الرسالة إلى سيد الكرملين، وجوهرها أنَّ واشنطن تنصح بعدم ضرب أوكرانيا أو التدخل عسكرياً في أراضيها، وأنَّها لن تتساهلَ في حال حصول ذلك. لم يأخذ بوتين نصيحةَ بيرنز على محمل الجد، ومثلها التحذير المتضمن فيها. في 24 فبراير (شباط) 2022 أطلقت موسكو «العملية العسكرية الخاصة»، واشتعلت الحرب الأوكرانية التي تحولت مبارزة بين السلاحين الروسي والأطلسي.
سيكون مثيراً لو عرفنا ذات يوم شيئاً مشابهاً لِما قاله شيراك لبوش الابن، ولِما قاله طارق عزيز في اجتماع القيادة العراقية. هل كان موقف سيرغي لافروف - المجرب والمحنك، ويُفترض أنَّه يعرف العالم - شبيهاً بموقف عزيز؟ وهل تحاشى - وهو من «رجال الرئيس» - إغضابَ الرفاق الآخرين الأقربين إلى أذن سيد الكرملين؟ هل هناك مَن قدَّمَ نصيحةً بعدم اجتياح أوكرانيا وحذَّر من العواقب؟
لا مبالغةَ في القول إنَّنا نخوض في بدايات أخطر سنة منذ أيام الحرب العالمية الثانية. استقرار روسيا حيويٌّ لمحيطها وللعالم. لا مصلحة لأحد في روسيا مضطربة يمكن أن تتطايرَ أجزاء من خريطتها على غرار ما أصاب الاتحاد السوفياتي. روسيا دولة عريقة وكبيرة ولا يترسَّخ استقرار العالم من دون استقرارها. أغلب الظَّنِّ أنَّها ستربح الحرب إذا طالت، مستفيدةً من التناقضات الأميركية الداخلية والهشاشة الأوروبية. لكن ماذا ينفع روسيا إذا ضمَّت مقاطعات أوكرانية واستيقظت «الألغام» النائمة في جسدها؟
دفع العراقُ ثمنَ «أم المعارك» الصدّامية. ودفع الشرق الأوسط ثمن «أم المعارك» البوشية. لا نريد أن يدفعَ العالمُ ثمن «أم المعارك» البوتينية. صحيح أنَّ بوتين ليس بوش الابن، وليس صدام حسين، لكنَّ المخيفَ هو أن نكتشفَ، ما يصدق في أكثر من مكان، وهو أنَّ السيدَ الرئيس لا يحب النصيحة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السيد الرئيس لا يحبُّ النصيحة السيد الرئيس لا يحبُّ النصيحة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات يتألقن بلمسة الفرو في الشتاء

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:07 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

رحلة سياحية لاكتشاف فرنسا بعيون جديدة في عام 2026
المغرب اليوم - رحلة سياحية لاكتشاف فرنسا بعيون جديدة في عام 2026

GMT 08:10 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

نباتات تضيف لمسة طبيعية إلى ديكور منزلكِ في 2026
المغرب اليوم - نباتات تضيف لمسة طبيعية إلى ديكور منزلكِ في 2026

GMT 23:07 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

زيلينسكي ينفي استهداف مقر بوتين وماكرون يكذب موسكو
المغرب اليوم - زيلينسكي ينفي استهداف مقر بوتين وماكرون يكذب موسكو

GMT 17:55 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يحذر من عرقلة المساعدات الإنسانية إلى غزة
المغرب اليوم - الاتحاد الأوروبي يحذر من عرقلة المساعدات الإنسانية إلى غزة

GMT 13:13 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

الثوم يعزز المناعة ويخفف أعراض الزكام
المغرب اليوم - الثوم يعزز المناعة ويخفف أعراض الزكام

GMT 18:54 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مغربية تجوب قلب أفريقيا بالدراجة الهوائية في أخطر مغامرة
المغرب اليوم - مغربية تجوب قلب أفريقيا بالدراجة الهوائية في أخطر مغامرة

GMT 14:12 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

تظاهرات الطلاب في إيران تمتد إلى 10 جامعات على الأقل
المغرب اليوم - تظاهرات الطلاب في إيران تمتد إلى 10 جامعات على الأقل

GMT 19:02 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 07:57 2019 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

احتفال رسمي بمناسبة عودة أول رائد فضاء إماراتي

GMT 03:00 2019 الأحد ,03 شباط / فبراير

جهاز مبتكر يُجفّف فرو الكلاب في 10 دقائق فقط

GMT 19:24 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل "عودة الروح" يعود من جديد يوميًّا على "ماسبيرو زمان"

GMT 09:03 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

كندة علوش تعود لموسم دراما رمضان 2025 عقب غياب ثلاث سنوات

GMT 06:36 2021 الخميس ,16 كانون الأول / ديسمبر

الحلقة المفقودة في مواجهة «كورونا» ومتحوراته

GMT 13:15 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مؤلف كتاب "الحفار المصري الصغير" يكشف موعدا هاما

GMT 04:25 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فيروس "كورونا" يُحبط أوَّل لقاء بين سواريز ضد برشلونة

GMT 17:11 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib