نظرية «الفأر الذكى»

نظرية «الفأر الذكى»

المغرب اليوم -

نظرية «الفأر الذكى»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

كثيرًا ما أتلقى اتصالًا من أحد الزملاء يجرى تحقيقًا على صفحات الجريدة أو في الموقع، ويريد أن أرشح للقراء عددًا من الأعمال التي ينبغى عليهم ألا تفوتهم مشاهدتها.

السؤال صار (كليشيه) يتجاوز الثلاثين عاما.. هناك خط فاصل بين رمضان ما قبل عصر الفضائيات، ورمضان بعدها.

في الماضى، كان الأمر محسوما، لدينا قناتان تنسقان فيما بينهما، فلا يعرض مثلا مسلسل على الأولى متوافقا مع الثانية، غالبا هناك برنامج يملأ الفراغ، حتى ينتهى المسلسل الذي يعرض على هذه ليبدأ عرض المسلسل الثانى على تلك.

كانت أيضا الإذاعة حتى مطلع الألفية الثالثة لها نصيب معتبر من الاهتمام، وهناك نحو ساعة يتركها التلفزيون لجمهور الإذاعة، الذي ارتبط ببعض البرامج والمسلسلات، مثل فوازير آمال فهمى وبرنامج عمر بطيشة (البرنامج العام)، ومسلسل سمير عبدالعظيم وبرنامج إيناس جوهر (الشرق الأوسط).. وقطعا هناك مسلسلات وبرامج أخرى.. عذرا لمن نسيتهم، فأنا أكتب من الذاكرة.

في الماضى، كنت بنسبة كبيرة أستطيع الرهان الصائب وأكتب للزملاء اقتراحاتى.. الآن، بات الأمر بنسبة كبيرة محيّرًا، كما أن التجربة عَلَّمتنى أن كثيرًا من المراهنات المسبقة تثبت فشلها الذريع على أرض الواقع (النظرى غير العملى).

ومنذ ذلك الحين أصبحت أطبق نظرية (الفأر الذكى).. هل تسلل يومًا فأر إلى منزلك وأحضرت له عشرات السموم ووضعتها بعناية وذكاء على طعامه المفضل، ثم انتظرت أن تعثر على جثة الفأر ملقاة على الأرض، واكتشفت أن الفأر تزداد حركته ويزداد أيضًا وزنه وهو هانئ سعيد في مقر إقامته الجديد؟!.

تعوّد الفأر بحكم التجربة ألا تخدعه المأكولات المفضلة، التي من الممكن أن ترسلها له من جبن وطماطم.. خبراته السابقة أكدت له أن في هذه المأكولات (سُمًّا قاتلًا).. علّم الآباء أبناءهم هذه الحيلة، اكتشفوا في عالم الفئران أنه من الممكن أن يجرّب فأر كبير الطعام لأول مرة بكمية ضئيلة جدًا، قد تصيبه بتلبك معوى.

ولكنها بالتأكيد لن تقضى عليه، ويستطيع بعد ذلك أن يؤكد لأبنائه أنه ضحى بنفسه لإنقاذهم، والحقيقة أن الأمر لم يزد على كونه آلاما في معدته قد تصيبه بإسهال وتلبك، ليس أكثر، ويصل بالتأكيد الدرس إلى أبنائه، يلتهمون فقط القليل، انتظارًا لما ستسفر عنه التجربة.

المشاهد التلفزيونى أتصوره في الأسبوع الأول من رمضان يطبّق لا شعوريًا نفس النظرية، يأخذ القليل من المسلسلات والبرامج، يتذوق قضمة هنا وأخرى هناك، يتحمل مشهدا هنا وآخر هناك.

صحيح أنه يسعى وراء النجوم الذين صنعوا معه تاريخًا عبر تراكم السنوات، إلا أنه بعد البدايات الأولى، من الممكن أن يولّى وجهه شطر أي عمل فنى آخر لفنان جديد لم يصنع تاريخًا بعد، إلا أنه استطاع أن يستحوذ على مشاعره مع بداية الحلقات.

من الناحية الطبية، ينصح المتخصصون بألا تزيد ساعات مشاهدة التليفزيون يوميًا على ساعتين فقط، وبالطبع لا أحد يلتزم بهذه النصيحة، لا في رمضان ولا شعبان، ولكن حتى لو زادت المساحة إلى 24 ساعة يوميًا مشاهدة، فلن تستطيع أن تتابع أكثر من 1% فقط مما تقدمه كل الفضائيات الناطقة بالعربية.

الاختيار ضرورة حتمية، ولا وسيلة للتغلب على ذلك إلا بالرجوع إلى نظرية «الفأر الذكى»!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نظرية «الفأر الذكى» نظرية «الفأر الذكى»



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:04 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

زوجة واحدة لا تكفي!

GMT 02:01 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 18:51 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

حمد الله ينافس ليفاندوفسكي على لقب هداف العام

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 20:29 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

منة فضالي " فلّاحة" في "كواليس تصوير مشاهدها بـ"الموقف"

GMT 06:46 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماكياج عيون ناعم يلفت الأنظار ليلة رأس السنة

GMT 03:29 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أصالة تبهر جمهورها خلال احتفالات العيد الوطني في البحرين

GMT 07:40 2014 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

اللاعب مروان زمامة مطلوب من ثلاث فرق مغربية

GMT 06:44 2016 الأربعاء ,15 حزيران / يونيو

اختيار هرار الأثيوبية رابع أقدس مدينة في الإسلام

GMT 04:44 2015 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

شركة ألعاب "إيرفكيس" الشهيرة تطلق ألعاب خاصة للفتيات

GMT 09:18 2015 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

هواوي Y6 تبيع 5 آلاف وحدة من الهاتف النقال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib