ما بين القاهرة والدوحة

ما بين القاهرة والدوحة!

المغرب اليوم -

ما بين القاهرة والدوحة

سليمان جودة
بقلم: سليمان جودة

أثارت القمة المصرية - الخطوط الجوية المنعقدة في القاهرة ، الأسبوع ، واسعاً ، قد تستمر ، وقد ثار الجدلها حولها ، وقد ثار الجدل حولها ، قاهرة ، رغم أن شرم الشيخ ، ولم تكن قد أعدت لقراءة المعز حتى مشابه لما لقناه عن هذه القمة بالذات !

والسبب معروف ولا جدوى من الخوض فيه من جديد، ولكن الجدوى هي في العودة إلى القاعدة المستقرة التي تحكم العلاقات بين الدول، والتي تقول إنه لا مجال لصداقات دائمة فيما بينها، ولا مكان لعداوات دائمة، وإن المجال والمكان معاً هما للمصالح الدائمة على طول الخط.
وإذا شئت مثالاً في وضوح الشمس الساطعة، فسوف تجده في العلاقات الحالية بين الولايات المتحدة واليابان، وسوف تجده في الجولة الآسيوية الأخيرة للرئيس الأميركي جو بايدن، الذي دار خلالها على عدد من العواصم في جنوب شرقي آسيا، وفي المقدمة منها كانت العاصمة اليابانية طوكيو.
وكان بايدن في أثناء جولته قد دعا إلى تأسيس حلف ناتو آسيوي، يأتي على غرار حلف شمال الأطلسي الشهير بالناتو، فهو حلف لا يخشى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شيئاً في حربه الحالية على أوكرانيا كما يخشاه. ولم يتوقف سيد البيت الأبيض عند هذا الحد، ولكنه دعا إلى توسيع قاعدة العضوية الدائمة في مجلس الأمن، بحيث لا يضم المجلس أعضاءه الخمسة الدائمين الحاليين فقط، وإنما يتسع لأعضاء جدد إلى جوار الدول الخمس التي تستأثر بعضوية المجلس منذ تأسيس الأمم المتحدة في 1945.
وعندما أراد الرئيس الأميركي تسمية بعض الأعضاء الجدد، فإنه لم يتردد في تسمية اليابان، ولم يجد حرجاً في أن يقول إنها جديرة بأن تكون عضواً دائماً في مجلس الأمن، فتجلس فيه مع واشنطن، وموسكو، ولندن، وباريس، وبكين، رأساً برأس، ونداً بند على طاولة واحدة!
وإذا تساءل أحد فقال: وماذا في هذا؟! فسوف أقول إن فيه الكثير، وإن من بين ما فيه أن الرئيس الأميركي هاري ترومان أمر في 1945 بضرب اليابان بالقنبلة الذرية، فخرجت طائرتان أميركيتان في صباح السادس من أغسطس (آب) من تلك السنة لتنفيذ أمر الرئيس.
في الثامنة والربع من صباح ذلك اليوم، ألقت إحدى الطائرتين قنبلتها على مدينة هيروشيما اليابانية، فشوهت كل شيء حي تقريباً في المدينة، وقضت على حياة 140 ألفاً من سكانها في الحال، وكان هذا بخلاف الآلاف الذين نجوا ولكنهم عاشوا من بعدها يعانون ما أصابهم من أمراض الإشعاع لسنوات طويلة.
وما أصاب هذه المدينة أصاب ما يماثله بالضبط مدينة نغازاكي، وحين زرت هيروشيما ذات يوم قريب، فإنني رأيت فيها من بقايا وتداعيات ما حدث في ذلك اليوم، ما لا تستطيع الكلمات أن تنقله إلى الذين لم يروا، ولا أن تعبر عنه كما يجب أن يكون التعبير الدقيق، وقد سمعت يومها ممن عاشوا اللحظات العصيبة أن كل ما يذكرونه أن شيئاً قد زمجر في سماء المدينة كما لم يزمجر في سمائها شيء من قبل، وأنها وجدت نفسها تختنق وتحترق عن آخرها في لحظة!
فلما استدارت الأيام وجاءت إلى العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، كان الرئيس الأميركي الذي يجلس على مقعد ترومان، هو نفسه الذي يزور اليابان نفسها، وهو الذي يدعو إلى تشكيل ناتو آسيوي يحميها مع غيرها من الدول في منطقتها، وهو الذي يتمنى أن يراها جالسة إلى جوار بلاده في مجلس الأمن، وهو الذي يرشحها لذلك ويسميها.
وليس هذا المثل الأميركي الياباني سوى نموذج من بين نماذج في تاريخ العالم، وليس سوى بنان يشير إلى القاعدة المتعارف عليها في العلاقات بين الدول.
وبالطبع فليس بين القاهرة والدوحة شيء مما كان بين واشنطن وطوكيو، ولكن كان بينهما خلاف في الرؤى وفي السياسات أدى في مرحلة من المراحل إلى المقاطعة أو ما يشبه المقاطعة. وفي مرحلة تالية وقفت القاهرة، والرياض، وأبوظبي، والمنامة، على شاطئ، بينما الدوحة على شاطئ آخر، وبدا الأمر في حينه كأن فجوةً عميقة تمتد بين الطرفين، وكأنه لا مجال للقاء بينهما في المستقبل المنظور! ولكن قاعدة المصالح الدائمة، لا العداوة الدائمة ولا الصداقة الدائمة، سرعان ما حضرت بين العواصم الأربع وبين العاصمة القطرية، وسرعان ما قادت إلى «بيان العلا» الصادر في المملكة العربية السعودية في يناير (كانون الثاني) قبل الماضي، وقد صدر في وقته ليقول إن ما كان قد كان، وإن الرهان هو على الخلاص مما كان، ثم على ما يجب أن يجد مساره بين العواصم الخمس!
وكان الخلاف بين الرياض، وأبوظبي، والمنامة، وبين الدوحة، بمثابة الخلاف داخل البيت الواحد، وكانت عضوية العواصم الأربع في مجلس التعاون الخليجي هي التي تمنح الخلاف بينها هذه الطبيعة المختلفة عن كل خلاف قد ينشأ بين عواصم أخرى. ولكن بقي أن خلاف القاهرة والدوحة طرأ في أجواء ما يسمى الربيع العربي، ولأنه نشأ في تلك الأجواء فإنه راح يشتد، ولكنه ظل خلافاً بين سياسات حكومتين في البلدين، ولم يتجاوز ذلك أبداً ليصل إلى ما بين الشعبين في الدولتين.
ولأنه كان كذلك، فلم يكن هناك مفر من أن ينطوي هو الآخر على خلفية القاعدة الشهيرة التي تحكم ما بين الدول من علاقات، وعلى هذا الأساس راح طرفاه يقطعان خطوات ظاهرة في طريق العودة إلى العلاقات الطبيعية، كأن كل طرف منهما يريد أن يعوّض بعضاً مما فات في زمن الخلاف.
ولا شيء يدل على تسارع الخطوات كما تدل الوتيرة التي مضت عليها العلاقات، من يوم صدور «بيان العلا» إلى يوم أن جاء الشيخ تميم يزور القاهرة، فهي فترة لا تتجاوز السنة ونصف السنة، ولكنها شهدت الكثير من الخطوات المتلاحقة، وكان مما شهدته تبادل إرسال سفيرين بين العاصمتين، ثم تبادل الزيارات الرسمية على مستوى أعلى، وقد جاء إلى مصر محمد بن عبد الرحمن، وزير الخارجية القطري، وطار إلى قطر سامح شكري، وزير الخارجية المصري، وتلقى الشيخ تميم دعوة رسمية للزيارة التي قام بها قبل أيام، وفي المقابل تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي دعوةً رسمية لزيارة قطر.
وفي بداية خريف السنة الماضية، جاء السفير القطري مبارك آل شافي يمثل بلاده في قاهرة المعز فقال: «إنني هنا جزء من منظومة متكاملة تعمل على تحقيق أقصى قدر ممكن من التقارب في العلاقات الثنائية وتقويتها». وقال أيضاً: «إن مصر دولة لها وزنها وثقلها الاستراتيجي، ولا يمكن إغفال دورها المحوري في المنطقة».
القنصلية في عطلة رسمية ، ورائدها في عطلة رسمية ، ورائدها في عطلة رسمية ورائعة غايتها. وحينها من خطوات ، وبدت حصيلة لما سبقها من خطوات ، ومن ثم جاءها ومن ثم جاءها.
تتطابق مع مسائل مطابقة فيما بينها ، وأن تتطابق مع تطابق بينهما ، وطابق بينهما ، وطابق بينهما ، صورة من توافق بين الطرفين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بين القاهرة والدوحة ما بين القاهرة والدوحة



GMT 10:54 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

«مسار إجبارى».. داش وعصام قادمان!!

GMT 10:52 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

الفوازير و«أستيكة» التوك توك

GMT 10:49 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

الأخلاقى والفنى أمامنا

GMT 10:47 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

ذكرى عودة طابا!

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 18:51 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

حمد الله ينافس ليفاندوفسكي على لقب هداف العام

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 20:29 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

منة فضالي " فلّاحة" في "كواليس تصوير مشاهدها بـ"الموقف"

GMT 06:46 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماكياج عيون ناعم يلفت الأنظار ليلة رأس السنة

GMT 03:29 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أصالة تبهر جمهورها خلال احتفالات العيد الوطني في البحرين

GMT 07:40 2014 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

اللاعب مروان زمامة مطلوب من ثلاث فرق مغربية

GMT 06:44 2016 الأربعاء ,15 حزيران / يونيو

اختيار هرار الأثيوبية رابع أقدس مدينة في الإسلام

GMT 04:44 2015 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

شركة ألعاب "إيرفكيس" الشهيرة تطلق ألعاب خاصة للفتيات

GMT 09:18 2015 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

هواوي Y6 تبيع 5 آلاف وحدة من الهاتف النقال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib