نظرة على العراق من الأردن

نظرة على العراق.. من الأردن

المغرب اليوم -

نظرة على العراق من الأردن

عماد الدين حسين
بقلم : عماد الدين حسين

 

إلى أين يذهب العراق الشقيق؟.

هذا السؤال صار يشغل بال أى عروبى مخلص يتمنى للعراق الاستقرار، وهو يشاهد الفوضى والعنف، واللذين بلغا قمتهما الإثنين قبل الماضى، حينما اجتاحت جموع من المتظاهرين القصر الرئاسى فى بغداد، ثم المواجهات المسلحة التى أدت لسقوط نحو ثلاثين قتيلا.
السبب الظاهر للأزمة الأخيرة أن الزعيم الشيعى مقتدى الصدر أعلن اعتزاله العمل السياسى، وبعدها احتج أنصاره باقتحام القصر الرئاسى، ثم اشتعلت المواجهات. لكن السبب الفعلى هو حالة الانسداد السياسى العميق بين القوى السياسية منذ سنوات طويلة، والتى جعلتهم غير قادرين على تشكيل الحكومة أو اختيار رئيس للجمهورية، رغم مرور أكثر من عشرة شهور على الانتخابات النيابية، والتى أعطت الأصوات الأكثر لكتلة مقتدى الصدر، لكن من دون قدرة على تشكيل حكومة بمفردها.
فى هذا اليوم كنت موجودا فى العاصمة الأردنية عمان، والأردن أحد أكبر المتأثرين بما يجرى بالعراق. اقتصاديا وسياسيا، فإذا أضفت ما يحدث فى سوريا وفلسطين يمكنك تخيل الصورة القاتمة.
وخلال الزيارة الصحفية إلى الأردن قابلت دبلوماسيا عربيا كان يقوم بزيارة للمملكة الأردنية الهاشمية، وكان طبيعيا أن يدور الحديث عما يحدث فى العراق.
الدبلوماسى تحدث راسما صورة بانورامية على ما حدث فى العراق والمنطقة، منذ الغزو الأمريكى البريطانى للعراق فى مارس ٢٠٠٣، وكيف تمكن العراق من تحقيق انتصار مهم على إرهاب داعش، الذى احتل نصف مساحة العراق عام ٢٠١٤، لكن الشعب العراقى أفشل المشروع الداعشى فى المنطقة تقريبا. المفارقة أن ذلك لم يقد إلى استقرار سياسى، بسبب أن التركيبة السياسية العراقية تعانى خللا عميقا، والنتيجة أن الانقسام لم يعد فقط بين المكونات الرئيسية الثلاثة أى الشيعة والسنة والأكراد، ولكن داخل كل مكون على حدة. وفى الانتخابات الأخيرة فإن النظام الانتخابى أعطى الكتلة الصدرية مقاعد أكثر رغم أنها لم تحصل على أصوات أكثر فى حين تراجعت مقاعد كتلة الإطار التنسيقى المحسوبة بوضوح على إيران وعمودها الرئيسى هو حزب الدعوة الذى كانت له الكلمة العليا فى تشكيل معظم الحكومات العراقية منذ الغزو عام ٢٠٠٣.
ووصلنا إلى مرحلة أن الأكراد منقسمون أيضا بشأن من يصبح رئيسا منهم، ولكى يتم اختيار الرئيس، فلابد أن يحوز ثلثى أصوات النواب. الإطار التنسيقى لا يريد حكومة خارجة عن سيطرته، وعرقل تعيين رئيس للحكومة قريب من الصدر، وفى الوقت نفسه، فإن هذا الإطار لا يستطيع أيضا أن يغامر بتشكيل حكومة إيرانية الهوى بالكامل، حتى لا يواجه معارضة من الشارع السنى والكردى، وأيضا من جزء كبير من الشيعة العرب الذين صار يعبر عنهم إلى حد كبير مقتدى الصدر إضافة إلى المعارضة العربية والإقليمية والدولية.
الآن فإن الانسداد السياسى وصل إلى أقصاه وما حدث فى الأيام الماضية جعل كثيرين يتخوفون من تحول هذا الانسداد إلى مواجهات شاملة خصوصا داخل المكون الشيعى بين أنصار مقتدى الصدر، وبقية الفصائل الشيعية والتى يملك معظمها ميليشيات مسلحة، بعضها يتلقى قراره وتوجهاته وتمويلاته من إيران.
المشكلة الجوهرية كما يراها الدبلوماسى العربى هى أنه حتى لو هدأت المواجهات فإن الشارع العراقى وصل إلى مرحلة صعبة من الكفر بغالبية أطراف الطبقة السياسية.
لسان حاله يقول: دولتنا منتجة للنفط ويفترض أن تكون غنية، وأنا مواطن فقير أعانى كثيرا، فأين تذهب هذه الأموال خصوصا أن أسعار النفط حققت زيادات قياسية فى الشهور الماضية.
هذا الشارع العراقى أو جزء كبير منه، ثار على الطبقة السياسية بقوة فى الشهور التى سبقت ظهور فيروس كورونا مباشرة، ووقتها فإن الغضب الشعبى الكبير توجه إلى الطبقة السياسية وإلى كل ما يمثل إيران فى العراق، ولولا الفزع الذى سببه كورونا والإغلاق شبه الكامل الذى فرضه هذا الفيروس على العراق والعالم فربما قضت هذه الثورة الشعبية على التركيبة السياسية الغربية فى العراق أو على الأقل قللت من نفوذها الطاغى.
هناك قوى كثيرة فى الشارع العراقى داخل الأحزاب والمجتمع والحكومة تريد وتحاول أن تعيد العراق بلدا عربيا مزدهرا ومتقدما وله علاقات طبيعية مع إيران وليست علاقة وصاية.
هل تتوافق القوى السياسية العراقية؟
سؤال تصعب الإجابة عليه لأن الانسداد شديد وولاءات البعض للخارج كثيرة، وربما يمكن الإجابة على جزء من السؤال بعد أن تتضح ملامح الاتفاق النووى الإيرانى مع الولايات المتحدة والغرب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نظرة على العراق من الأردن نظرة على العراق من الأردن



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:00 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

الشرطة المغربية تضبط شخصين في مدينة أكادير

GMT 12:33 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

ترمب يعلن احتجاز ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا

GMT 08:08 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق سماعات رأس لاسلكية تعمل بالبلوتوث بـ400 دولار

GMT 12:22 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تعلن عن عطل كهربائي قبيل تحطم طائرة تقل عسكريين ليبيين

GMT 09:03 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

مصطفى بنحمزة يشرف على افتتاح قاعة رياضية نسوية في وجدة

GMT 04:47 2012 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الصحة: 116 مصابًا فى مليونية الثلاثاء وحالة وفاة واحدة

GMT 00:34 2016 الإثنين ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

وصفة عمل حلى شعيرية باكستانية

GMT 20:33 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

إنستغرام يحظر حسابا قديما باسم "ميتافيرس"

GMT 04:41 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

الصحفي والحقوقي اليمني الزبيب يتسلم جائزة رائف بدوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib