المغرب والاتحاد الأفريقي

المغرب والاتحاد الأفريقي

المغرب اليوم -

المغرب والاتحاد الأفريقي

بقلم : محمد الأشهب

لن يأسف البريطانيون كثيراً على اختيار سياسة المقعد الشاغر في علاقات بلادهم بالاتحاد الأوروبي. فقد ذهبوا بمحض إرادتهم إلى استفتاء التعبير عن الإرادة الذي مالت كفته إلى مناصري الانسحاب، في ضوء تزايد النقاش حول المكاسب والخسائر.
الثابت أنه لم يصدر عن الاتحاد الأوروبي ما يسيء أو يستفز مشاعر البريطانيين، ومع ذلك فإن استقراءات يراها البعض موضوعية دفعت إلى طلب الطلاق. ولم تفلح جهود الشركاء الأوروبيين في تحميل صناديق الاقتراع البريطانية غير ما أفرزته نتيجة الاستفتاء.
مناسبة الاستحضار، انطلاق نقاش سياسي وقانوني في المغرب حول احتمالات استعادة حضوره في «الاتحاد الأفريقي». وإذا كان الأمر لم يصل إلى مستوى الدعوة إلى استفتاء شعبي، فمرد ذلك إلى أن الانسحاب من منظمة الوحدة الأفريقية في العام 1984، احتجاجاً على ضمها ما يعرف بـ «الجمهورية الصحراوية» التي أقامتها «بوليساريو» من طرف واحد، لم يخضع بدوره إلى استفتاء. وفي أعراف مغربية أن مسائل الوحدة والسيادة تأتي فوق كل اعتبار.
ماذا تغير في الصورة؟ انهارت منظمة الوحدة الأفريقية كما توقع المغرب يوم تمنى لها «حظاً سعيداً» وخلفها «الاتحاد الأفريقي» في مرحلة كانت حبلى بالتوقعات لناحية بناء منظمة قارية تستوعب انشغالات الأفارقة في القضايا المرتبطة بتثبيت العلم والأمن ودعم الخيار الديموقراطي والاهتمام برهانات التنمية والتحديات الاقتصادية.
لكن ذلك لم يحل دون استمرار انضمام «الجمهورية الصحراوية» بالرغم من كل الخروقات القانونية والسياسية التي شابت عملية الضم في بدايتها، أقله أن جهود الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي لنزاع الصحراء تتقاطع وفكرة تقرير المصير، وفق الأشكال المتعارف عليها. بالتالي، فإن الاعتراف بكيان «مستقل» أو مندمج مع الوطن الأصلي، أو في إطار صيغة الحكم الذاتي الموسع الذي يبلور مقاربة وفاقية، يناقض التزام مبدأ الحياد، كونه يسبق نتائج أي مظهر لتقرير المصير. ولعل هذا المنظور العقلاني ما دفع دولاً أفريقية عدة إلى تعليق اعترافها بـ «الجمهورية الصحراوية.
يتعين الإقرار بأن التعاطي وملف الصحراء بدأ أفريقياً، فقد حرصت الرباط إبان طرح خلافها مع إسبانيا حول مستقبل الإقليم الصحراوي أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، على أن تضم هيئة المحكمة شخصية أفريقية. كما أن لجنة تقصي الحقائق التي أوفدتها الأمم المتحدة إلى المنطقة رأستها شخصية أفريقية. وكادت منظمة الوحدة الأفريقية عبر «لجنة الحكماء» المنبثقة من قمة نيروبي لعام 1981 تصل إلى تسوية مقبولة للنزاع، لولا حدوث تطورات سلبية، أدت إلى نقل الملف إلى اختصاص الأمم المتحدة.
يحدد الإطار العام للتسوية الذي أقره مجلس الأمن سقفاً سياسياً أطلق عليه اسم «الحل السياسي» الأهم فيه أنه تبلور بعد وقف النار، في ظل نقاش واسع النطاق هدف إلى تقريب وجهات النظر، من منطلق أن الوفاق الإقليمي يمكنه الإسهام إلى حد كبير في التقدم خطوات إلى الأمام. لذا يصبح منطقياً السؤال إن كان في وسع «الاتحاد الأفريقي» أن يقدم مساهمة إيجابية لدعم هذا النسق؟ طبعاً يتعلق الأمر بداهة برفع مظاهر أي التباس، لأن سريان مفعول انضمام «الجمهورية الصحراوية» لا يساعد في التقاط الفرصة، والحال أن المقاربة السياسية ذات النفس العميق، أي تلك التي تلقي أسباب اعتراض المغرب، وحدها الكفيلة بإحراز التقدم في هذا السياق.
أن تشكل قمة «الاتحاد الأفريقي» في رواندا حداً مفصلياً، يفسح في المجال أمام المغرب لاستعادة مكانته، فذاك أمر إيجابي. وفي هذه الحالة، فاستفتاء العودة يفرض على «الاتحاد الأفريقي» القيام بالخطوة اللازمة إلى منتصف الطريق، على أن يترك المغرب أن يقطع النصف الآخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المغرب والاتحاد الأفريقي المغرب والاتحاد الأفريقي



GMT 08:17 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

معنى استعادة سرت من «داعش»

GMT 08:15 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

لغة الإشارات بين المغرب والجزائر

GMT 08:14 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

عن التناوب الحكومي في المغرب

GMT 08:13 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

التحالف الإسلامي ومواجهة «داعش»

GMT 07:17 2016 الثلاثاء ,09 آب / أغسطس

بن كيران والاستحقاق الانتخابي

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت - المغرب اليوم
المغرب اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 02:15 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين عبدالعزيز تفكر بالزواج مجددًا بعد طلاقها
المغرب اليوم - ياسمين عبدالعزيز تفكر بالزواج مجددًا بعد طلاقها

GMT 06:16 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الذهب في المغرب اليوم الإثنين 03 نوفمبر/تشرين الثاني 2025

GMT 21:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك تغييرات في حياتك خلال هذا الشهر

GMT 16:06 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 18:33 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 20:18 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

وفاة خالة الشقيقتين المغربيتين صفاء وهناء

GMT 14:36 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

الرئيس اللبناني ميشال عون يلتقي وفدًا أميركيًا

GMT 12:29 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

مجلس الحكومة يعيد تنظيم مسرح محمد الخامس

GMT 05:01 2019 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

دافنشي كان يكتب بيديه الاثنتين بكفاءة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib