توفيق بوعشرين كما أعرفه

توفيق بوعشرين كما أعرفه..

المغرب اليوم -

توفيق بوعشرين كما أعرفه

بقلم - عبد العالي حامي الدين

كان لقاؤنا الأول بجامعة سيدي محمد بن عبد الله ونحن نستمع إلى محاضرات السنة الأولى حقوق بمدرجات كلية الحقوق، في بداية التسعينيات على يد أساتذة أجلاء، أذكر من بينهم رقية المصدق ومحمد المرغدي وعادل حزمة ومحمد الشيلح ومحمد العنبري..وآخرون..
لفت انتباهي شاب هادئ يناقش مع الأستاذ الفلسطيني الراحل عادل حزما آخر مستجدات القضية الفلسطينية، وينتقد مسلسل التسوية بالأدلة والبراهين والحجج السياسية.. كنت بدوري أساهم في هذا “الشغب المعرفي” بما تيسر.. بعدها توطدت علاقتنا..
هو ابن المدينة القديمة لمكناس، كبير إخوته الثلاثة، عاش يتيم الأب منذ طفولته، ورزئ في أمه في بداية مساره المهني بعد معاناة طويلة مع المرض الخبيث..
جمعتنا غرف الحي الجامعي بالرباط ونحن نتابع الدراسات العليا، كان شغفه بالقراءة والكتابة منقطع النظير، ولذلك اختار ميدان الصحافة، بينما اختار باقي الشلة متابعة المسار الأكاديمي..
كانت لقاءاتنا مع الأساتذة الكبار داخل قسم العلاقات الدولية والقانون الدولي لا تخلو من نقاشات سياسية جادة مع أساتذة كبار من أمثال: المرحوم عبدالله إبراهيم، رئيس أول حكومة وطنية، والمرحوم عبدالله اعدييل والمرحوم محمد البردوزي والدكتور تاج الدين الحسيني، وفقيه القانون الدولي الأستاذ عبدالقادر القادري، وعضو المحكمة الدستورية حاليا الأستاذ الحسان بوقنطار، والدكتور إبراهيم أبراش وآخرون، كان شغف الجميع متمحورا حول السؤال الذي طرحه الكثيرون: لماذا تخلفنا وتقدم آخرون؟ كانت هموم الإصلاح والتغيير وأسئلة الديمقراطية والتحديث وحقوق الإنسان تؤطر جميع لقاءاتنا واجتماعاتنا وأنشطتنا داخل الحي الجامعي، وكان بوعشرين متميزا في الدفاع عن آرائه بمنهج عقلاني يعتمد على البرهان والعقل قبل كل شيء.
اختار توفيق بوعشرين ميدان الصحافة وشق طريقه فيه بعصامية كبيرة، فلم يولد وفِي فمه ملعقة من ذهب، بل كان يشق على نفسه ليتعلم قواعد المهنة من أصولها، وكان يرفض منطق الاستسهال في التعاطي مع الخبر والتحليل ومعالجة الظواهر المعقدة..
وعبر مسار مهني طويل نجح بوعشرين في فرض اسمه كأحد كبار الصحافيين واكتسب احترام خصومه قبل أصدقائه، ونجح في رسم ملامح مدرسة صحافية متميزة تحاول أن تنتصر في خطها التحريري للموضوعية والنزاهة وفسح المجال للرأي والرأي الآخر.. خلال هذا المسار المطبوع بالجدية تمكن من أن يتربع على عرش كتاب الرأي والافتتاحيات وأصبح مصدر إزعاج للكثيرين ..
منذ تعرفت على الصديق بوعشرين، وهو يقضي وقته في القراءة والكتابة، ومتابعة الأحداث السياسية الوطنية من مصادرها المباشرة..
في السنوات الأخيرة برز اسمه كأحد المدافعين عن دينامية 20 فبراير، وعن دستور2011 ، وعن خطاب 9 مارس، الذي اعتبره خطابا تاريخيا سينتقل بنا إلى ما سماه” الملكية الثانية” ..
انتقد عبدالإله بنكيران عندما كان رئيسا للحكومة وآخذه بقساوة على تفريطه في الدفاع عن اختصاصاته الدستورية، ثم دافع عن تجربة الحكومة السابقة بعدما تعرضت لمحاولات حثيثة للإحهاز عليها.. انتصر لنزاهة العملية الانتخابية ليوم 7 أكتوبر وانتقد طريقة تشكيل حكومة سعد الدين العثماني، وبدأ في الأيام الأخيرة يحذر من زواج السلطة والمال وينبه إلى خطورة تجربة حزبية هجينة قائمة على سلطة المال بدون سياسة ..
ربما تكون هذه بعض عناصر فهم محنة صحافي مزعج شاءت الأقدار أن يكون متقدما على زمانه..
فرج الله كُربتكَ صديقي العزيز

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

توفيق بوعشرين كما أعرفه توفيق بوعشرين كما أعرفه



GMT 07:19 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

شكراً لعدم قتل العالم

GMT 07:17 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

GMT 07:05 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

محمد السادس «مخزن» الوضوح السياسي

GMT 06:01 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

ليست لغزاً ولا يحزنون

GMT 05:59 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

الزلزال القادم

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 02:30 2022 الأحد ,02 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لاختيار تصميم مثالي ومميز للأريكة في غرف المعيشة

GMT 22:25 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

دليلك ليستقبل طفلك الدراسة بحب ومن دون مشاكل

GMT 11:24 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

أريكة متعدّدة الإستخدامات

GMT 09:17 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

النهج الديمقراطي يوضح موقفه من النموذج التنموي

GMT 05:36 2019 الجمعة ,15 آذار/ مارس

افتتاح مطعم " Clinton St. Baking" العالمي في دبي

GMT 18:48 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

ميسور يتعاقد مع المدرب المغربي عبد القادر يومير

GMT 01:42 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عائشة البصري تكشف معاناة النساء من خلال "الحياة من دوني"

GMT 20:37 2018 الأحد ,30 أيلول / سبتمبر

إصابة شرطي إثر إطلاق نار كثيف في الدار البيضاء

GMT 03:55 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

Altinbas تقدم أرقى التشكيلات للساعات والمجوهرات وخواتم الزفاف

GMT 20:59 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد المغربي للملاكمة يكشف عن موعد جمعيته العمومية

GMT 04:14 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

جمبو يفوز بلقب بطولة فريق لبنان لإناث الجمباز

GMT 23:31 2014 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

عرض الفيلم المغربي "فرونتيراس" في العاصمة الهولندية

GMT 15:10 2014 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الإعلامية هند بومشمر تقدم اعتذارها للشعب المغربي

GMT 15:08 2016 الأحد ,25 كانون الأول / ديسمبر

نانسي عجرم تتألق بأربع فساتين بيضاء وتخطف الأنظار
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib