نظرياً إعدام قاتل الجميل

نظرياً... إعدام قاتل الجميل

المغرب اليوم -

نظرياً إعدام قاتل الجميل

بقلم ـ عبد الرحمن الراشد

كانت الشعارات المضللة تصبغ فترة مطلع الثمانينات التي يمكن أن نعدّها أسوأ المنعطفات في تاريخ المنطقة، والتي أدت إلى التدهور السياسي الذي دام إلى اليوم. ولو حوصر الإرهاب في تلك الحقبة، ربما ما ولد الإرهاب تنظيمات مثل «القاعدة» و«داعش».
بعد أحد عشر شهراً من اغتيال الرئيس المصري أنور السادات، اغتيل الرئيس اللبناني المنتخب بشير الجميل في بيروت. بشير قتل وعمره 34 عاماً. كان شاباً طموحاً صريحاً في وجه قوى شرسة، بقيادة سوريا التي كانت قواتها تحتل لبنان حينها، لأكثر من سبع سنوات. وشاركتها في اقتسام حكم البلاد منظمة التحرير الفلسطينية، والفصائل منافستها، بعد إبعادها من الأردن. وكانت إيران في طور تأسيس موطئ قدم لها هناك؛ في لبنان، حيث قامت في تلك السنة الدامية بتدشين حزب اسمه «حزب الله»، سيهيمن على البلاد وما حولها.
قتلة الرئيس السادات كانوا من «الجماعة الإسلامية» المسلحة، وقاتل الرئيس الجميل كان مسيحياً ينتمي للحزب السوري القومي، ومبررات الجريمتين؛ قتل الرئيسين، كانت تعطيل عملية السلام من قبل أنظمة دول جبهة «الصمود والتصدي». وهي جبهة تشكلت في سبيل مواجهة إعلان السادات عزمه على مشروع السلام. تنافس على قيادة جبهة العنف صدام العراق، وأسد سوريا، وقذافي ليبيا، وشارك فيها الجزائر واليمن الجنوبي ومنظمة التحرير.
في تلك المناخات، كانت الحكومات العربية المتطرفة تقوم بدور المنظمات الإرهابية اليوم، أو تستخدم الجماعات التي كانت تسمى «التحررية». ولم يكن القاتل، حبيب الشرتوني، الذي اغتال الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً، سوى أداة في يد النظام السوري الذي كان يعدّ انتخاب الجميل تحدياً لوجوده السياسي والعسكري في لبنان. وقد اعتقل الشرتوني بعد ارتكابه جريمته وسجن ثماني سنوات، لتقوم القوات السورية بإطلاق سراحه عندما سيطرت تقريباً على كل البلاد.
في لبنان دفع زعماء، مع آلاف الأبرياء، حياتهم ثمناً لتلك اللعبة الإقليمية القذرة، التي زادت المنطقة تفككاً وفوضى. وضاعت حقوق الشعب الفلسطيني التي عرقلوها، في ظل المزايدات من أنظمة لم تحارب، ولم تهادن، ولم تترك الفلسطينيين يقررون شأنهم.
قاتل بشير الجميل يعيش حراً طليقاً، وكل ما فعله القضاء أن حكم عليه بالإعدام غيابياً. قرار تأخر 34 عاماً، وربما لو لم يصدر لكان أفضل من أن يصدر حكم ولا يحترم. فقد ظهر القاتل وسخر من الدولة ومؤسساتها في حديث صحافي؛ ليس الأول!
وليس الشرتوني هو القاتل الطليق الوحيد، فقتلة الرئيس الأسبق رفيق الحريري أيضاً يعيشون في أمن وحماية، رغم أن المحكمة الدولية أعلنت عن هوياتهم، وطالبت باعتقالهم، مع بقية قتلة القيادات اللبنانية.
العدالة في لبنان مسألة نسبية، فأحمد الأسير، وهو قاتل آخر، لأنه معادٍ لـ«حزب الله»، تم القبض عليه وأصدر عليه حكم مستعجل بالإعدام، وهو قد يستحق العقوبة، إنما الشرتوني الذي اعترف بقتل رئيس الجمهورية وعشرين شخصية سياسية أخرى، فقد اكتفى القضاء بتسجيل محضر بإعدامه نظرياً، ولم يتجرأ أحد على تطبيق العدالة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نظرياً إعدام قاتل الجميل نظرياً إعدام قاتل الجميل



GMT 06:32 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

التعليم وإرادة الإصلاح (1)

GMT 06:29 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرش ترامب!

GMT 06:27 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

تكليفات الرئيس!

GMT 06:26 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

سمعة البرلمان!

GMT 06:23 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الداعية «قفة» وأبناؤه

GMT 06:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماذا تبقى من ذكرى الاستقلال في ليبيا؟

GMT 06:09 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مُقرئ الفلوس

GMT 06:01 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

كعب لا تقبله أمريكا

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 01:40 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن شن ضربة عسكرية ضد داعش في نيجيريا
المغرب اليوم - ترامب يعلن شن ضربة عسكرية ضد داعش في نيجيريا

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 13:03 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 26-9-2020

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:35 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

المغرب الفاسي ينتصر وديًا على وداد صفرو

GMT 08:22 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

النفط يتدفق مجددًا بخط مأرب في اليمن

GMT 14:32 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

البولندية سواتيك تبلغ نهائي بطولة فرنسا المفتوحة للتنس

GMT 12:34 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الوداد يحاصر مدرب الفريق بالأسئلة بعد صدمة الديربي

GMT 06:31 2019 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هذه توقعات "الأرصاد الجوية" لطقس المملكة المغربية الأحد

GMT 09:09 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

سيدة تعثر على عظام بشرية داخل جوارب متجر شهير في بريطانيا

GMT 08:30 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

7 لاعبين يغيبون عن أولمبيك خريبكة أمام مولودية وجدة

GMT 11:35 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

الجزائر تطلق بوابة إلكترونية للترويج للسياحة

GMT 23:21 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

"جورجيا" وجهة سياحية مثالية للاستمتاع بالثلوج
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib