طبول الحرب تقرع في طرابلس

طبول الحرب تقرع في طرابلس

المغرب اليوم -

طبول الحرب تقرع في طرابلس

جبريل العبيدي
بقلم : د جبريل العبيدي

بدأت في طرابلس الليبية تُسمع طبول تقرع، فهل نحن أصبحنا أمام رهانات حرب فيها؟

الاقتتال في طرابلس ليس بالأمر الجديد ولا الغريب منذ عام 2011، فالعاصمة الليبية على صفيح ساخن كل ليلة وصباح، ولكن هذه المرة مختلفة؛ لكونها معركة كسر عظم وفرض إرادات بين ميليشيات جهوية ومؤدلجة تريد فرض إرادتها المطلقة وإقصاء خصومها.

ضمن خريطة الصراع الليبي المحلي، هناك نزاعات مسلحة، واقتتال في مختلف الأماكن، والاحتكام للسلاح هو بذريعة بسط «سلطة الدولة»، لكن الحقيقة هي أنها محاولة تغليب ميليشيات على أخرى، وإعادة رسم لجغرافيا سيطرة الميليشيات في طرابلس، ولا علاقة البتة للأمر ببسط سلطة الدولة المفقودة في العاصمة الليبية منذ حرب 2011 إلى يومنا.

أي حرب أهلية في ليبيا عموماً، وطرابلس خصوصاً، ستكون نتائجها كارثية على جميع الأطراف المحلية، والتي استخدمت وقوداً للحرب والاقتتال بدماء ليبية لصالح أطراف خارجية، فالجميع سيكون الخاسر، وأعتقد أن طبّال الحرب سيبقى يطبل وحده، ولا مخرج من الأزمة إلا بالحوار والتفاوض، والتوقف عن ممارسة الصمم تجاه الداخل الليبي، فالحوار هو الحل، ولو فشل مرة فلن يفشل في الثانية، والحوار سيسفر عن نتائج إذا كان جاداً وقابلاً للتطويع وغير مشروط، على أن يتراجع جميع الأطراف خطوة إلى الوراء.

دائماً ما كنا نكرر: الحوار ثم الحوار، وإلا فسننجر جميعنا إلى حرب أهلية، وذلك لأن الكتائب المسلحة داخل طرابلس وما جاورها حتماً ستدخل الحرب داعمة لأي طرف، والكارثة أن جميعها بُنيت على أسس جهوية أو مؤدلجة، وليست جيشاً وطنياً بالمفهوم الصحيح، ولهذا أي تقدم لأي كتيبة من الكتائب المسلحة داخل العاصمة سيعدّ تحركاً مناطقياً بامتياز، ويعدّ بمثابة حرب.

المشهد السياسي الليبي يشهد نزاعات سياسية وتمسكاً بالسلطة، وخصوصاً بعد انتهاء فترات ولايتها، وافتقار السلطة شرعيتها، واللجوء والاستقواء بالميليشيات المسلحة والاحتكام للسلاح، الأمر الذي قد يجر البلاد إلى ما لا تُحمد عقباه، كما قد تنحدر البلاد نحو نفق مظلم ينتهي بـ«حرب أهلية».

تعريف «الحرب الأهلية» التي يكون أطرافها جماعات مختلفة من السكان، يجعلنا نعيد التدقيق فيما يحدث من صراع مسلح في العاصمة طرابلس، وصراع نفوذ ميليشيات ذات انتماء قبلي مناطقي، كما يجعلنا نعيد التفكير في رفضنا لوصف الحرب الأهلية في ليبيا.

أطراف كثيرة في ليبيا رهنت إراداتها الوطنية إلى خارج حدود البلد، وسعت إلى خلط الأوراق واللعب بها، ومنها تقسيم الوطن وتفكيكه، ورهنه لحكم ميليشيات حزبية، في محاولة لتكرار المشهد اللبناني في ليبيا، إضافة إلى بروز زعامات حزبية كرتونية لا تمثيل حقيقياً لها على الأرض إلا من خلال ميليشيات مدعومة من خارج حدود الوطن، وكيانات موازية للجيش تقوم بتعطيله.

وممارسات هذه الزعامات ليست كما غيرها التي سعى البعض منها إلى دولة مدنية تكفل حق المواطنة لكل الليبيين، لا مكان فيها لأي كيانات إثنية، ولا قبول لأي استقواء بالامتداد الإثني خارج الوطن. فلا بد من التحرر من أي تعصب قومي أو إثني أو قبلي أو حزبي للخروج بليبيا واحدة موحدة غير مقسمة، لكن هناك من يسعى من داخلها وخارجها لتقسيمها والوقوف على خرابها.

الحرب في طرابلس ستكون كارثية على الجميع، ولن يكون هناك منتصر فيها، بل الجميع فيها هو الخاسر الأكبر، وبالتالي على الحكماء والعقلاء والمشايخ القبلية منع الحرب ولجم الطبالين عن قرع طبول الحرب الأهلية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طبول الحرب تقرع في طرابلس طبول الحرب تقرع في طرابلس



GMT 17:06 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الشعور بحبّ الوطن يحتاج إلى الغذاء أيضاً

GMT 11:09 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

المفاوض الصلب

GMT 11:06 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:05 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

GMT 11:04 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 11:02 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 11:00 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

إعلان الصُّخير... مِن «دار سَمْحين الوِجِيه الكِرامِ»

GMT 10:58 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

اصنعوا المال لا الحرب

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 16:54 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تقرير يكشف أن"غروك" يشارك معلومات حساسة لأشخاص عاديين
المغرب اليوم - تقرير يكشف أن

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:03 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 18:18 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 01:36 2016 الجمعة ,03 حزيران / يونيو

سميرة شاهبندر المرأة التي رأت صدام حسين باكيا

GMT 03:52 2021 الجمعة ,17 كانون الأول / ديسمبر

الإعلامي ريكاردو كرم يُطلق مبادرة لدعم أطفال لبنان

GMT 15:23 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

كاف ترفض مقترح الوداد بدوري أبطال أفريقيا

GMT 07:05 2012 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

تغريم مطعم لبناني بسبب لافتة خادشة للحياء

GMT 11:31 2015 الجمعة ,27 شباط / فبراير

المُـثـقـفـون والاصـلاح الـديـنـي

GMT 00:31 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

التحقيق في شيكات أموات تتجول بالأسواق المغربية

GMT 17:12 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

راضي يؤكد أن رؤية السيسي في مكافحة الإرهاب تحظى بتقدير الغرب

GMT 18:07 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

كوكب عطارد يمر أمام الشمس في ظاهرة فلكية نادرة

GMT 03:06 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

إليزابيث هيرلي تظهر بإطلالة جذَّابة

GMT 19:21 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

موعد طرح فيلم شاروخان الجديد "زيرو" في دور العرض المصرية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib