لا تبالغوا فى الوعود

لا تبالغوا فى الوعود

المغرب اليوم -

لا تبالغوا فى الوعود

عماد الدين أديب

يعتقد البعض خاطئاً أن السياسة هى ما يعتقده أو ما تفعله النخبة، بينما قيمة السياسة هى كيف يمكن أن «يسوس» الحاكمُ المحكومين بشكل يجعلهم يشعرون بالرضا عنه وعن نظامه وعن عهده.

والسياسة كما قال «أرسطو»: «هى علم الرئاسة»، وكما قال نابليون بونابرت «هى كيفية حصول الحاكم على طاعة المحكومين بمزيج من قوة الدولة وشعبية النظام».

والخطأ الكبير أن يعتقد البعض أن الجدل الساخن داخل قطاعات النخبة حول تفسير الدستور، أو علاقة السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية هى الشغل الشاغل الذى يسيطر على عقول الجماهير العريضة.

ويخطئ البعض أن تركيبة البرلمان المقبل أو تشكيلة لجانه هى عند ملايين الناس أهم من توافر أنبوبة البوتاجاز أو سعر السولار أو تحسين المواد التموينية التى تصرف على بطاقة التموين.

إن تلبية الاحتياجات الأساسية للناس من قوت يومهم أو الخدمات العامة التى تؤثر فى معيشتهم هى جوهر وقلب العمل السياسى الذى يحقق حالة الرضا العام التى تؤدى إلى الاستقرار. يحدث الحراك الطبقى ويتذمر الناس حينما يشعرون بالظلم وباستحالة قدرتهم على الوفاء باحتياجاتهم الأساسية.

هنا، قد يقول قائل إن كلامى هذا يجعل المواطن مجرداً من أى مطالب أساسية لها علاقة بالحرية والكرامة الإنسانية.

هذا الكلام مردود عليه تاريخياً، فكما قيل إن الجيوش تزحف على بطونها، وإن أعظم تجريد للكرامة الإنسانية هو شعور الإنسان بالجوع وأن الفقر هو مذلة.

وإذا صدقت عبارة تاريخية تقول «إنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان»، فإنه يصدق -أيضاً- القول إنه بدون الخبز يموت الإنسان!

وفى الجامعات الأمريكية وفى مادة «إدارة الأزمات»، فإن أساتذة العلوم السياسية يدرّسون بحثاً شهيراً بعنوان «متى يثور الناس؟».

وجاء فى هذا البحث أن السبب العلمى لثورة الناس هو الشعور بالصدمة بين ما توقعوه من الحاكم وبين الواقع الفعلى.

الشعور بخيبة الأمل يدفع الناس إلى الغضب والانفلات السياسى الذى قد يتخذ أشكالاً متعددة.

لذلك لا تبالغوا فى الوعود للناس.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تبالغوا فى الوعود لا تبالغوا فى الوعود



GMT 21:52 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

لبنان المؤجَّل إلى «ما بعد بعد غزة»

GMT 20:10 2024 السبت ,25 أيار / مايو

مفكرة القرية: السند

GMT 20:01 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الإصغاء إلى «رواة التاريخ»

GMT 19:58 2024 السبت ,25 أيار / مايو

القضية الفلسطينية في لحظة نوعية

GMT 19:55 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الدولة الفلسطينية ودلالات الاعترافات

GMT 19:53 2024 السبت ,25 أيار / مايو

«الجنايات»: الحقائق غير التمنيات!

GMT 19:51 2024 السبت ,25 أيار / مايو

ذكريات العزبى!

GMT 19:49 2024 السبت ,25 أيار / مايو

حوارات إستراتيجية !

إطلالات الملكة رانيا في المناسبات الوطنية تجمع بين الأناقة والتراث

القاهرة - المغرب اليوم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib