قوات الاستقرار في غزة

قوات الاستقرار في غزة

المغرب اليوم -

قوات الاستقرار في غزة

عبد المنعم سعيد
بقلم : عبد المنعم سعيد

أحياناً يقال إن الدبلوماسية أكثر صعوبة وتعقيداً من الحرب، وتكون كذلك عندما تكون سارية بينما طرفا القتال لا يستجيبان إلى نقطة الانطلاق الأولى بوقف جدي لإطلاق النار. ويكون الأمر مقترباً من تدمير المبادرة السلمية كلها عندما يكون هناك توافق أو تواطؤ ضمني بين طرفي المعركة - إسرائيل و«حماس» - على استمرار الحرب. يجري ذلك لأن إسرائيل لها خطتها الخاصة باستعادة قطاع غزة إلى نطاق السيطرة الإسرائيلية، بحيث تكون قادرة ليس فقط على الهيمنة العسكرية وتوسيع النطاقين البري والبحري للدولة العبرية، وإنما فوقها عودة الاستيطان إلى القطاع مرة أخرى. إسرائيل لديها من الصبر ما يكفي لكي تعيد تسلم غزة لكي تكون استكمالاً للتوسعات الاستيطانية في الضفة الغربية، والتوسعات التدريجية داخل سوريا ولبنان؛ وفي العموم، إعادة تشكيل الشرق الأوسط. «حماس» أيضاً لديها من الصبر ما يكفي ما دام أن الشعب الفلسطيني يدفع الثمن من الضحايا والجرحى وتدمير المستقبل الفلسطيني تجاه الدولة الفلسطينية؛ لكي تبقى راية «الجهاد» مرفوعة بنور ونار الكفاح المسلح تحت قيادة «حماس» بينما السلطة الوطنية الفلسطينية خاضعة لعمليات إصلاح لا تنتهي؟

نتيجة هذا التواطؤ هو استمرار القتال بأشكال أقل اشتعالاً، ولكنها تكفي لإحباط اتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار الذي يبدأ بمبادرة السلام الأميركية ذات العشرين نقطة التي صدَّقت عليها الأمم المتحدة. ومع ذلك، فإن المبادرة التي قدمها الرئيس ترمب تقع ضمن نطاق عام للرؤية قوامها نوع من دبلوماسية السلام التي توجهها الولايات المتحدة التي تفرغ قواتها المسلحة للنطاق الحيوي الأميركي في أميركا الجنوبية اللاتينية التي هي مهد تهديد الهجرة والجريمة المنظمة والمخدرات المهدّدة للنقاء الأبيض. المبادرة من جانب آخر ترى فرصة للتعامل مع القضايا المعقدة للشرق الأوسط وأوروبا خاصة إذا ما كان هناك دول إقليمية على استعداد للمشاركة السياسية والاقتصادية والدبلوماسية التي تعمل من أجل تحقيق الاستقرار الذي يعطي للولايات المتحدة مزايا اقتصادية تعزز من موقف ترمب على الساحة الأميركية. ولذا؛ فإن استكمال المبادرة يظل عاكساً استعداد ترمب للضغط على إسرائيل، والاستعانة بتركيا وقطر للضغط على «حماس».

انخفاض مستويات العنف جرت تسميتها وقف إطلاق النار، وبدء الاستعداد للانتقال إلى المرحلة الثانية وهي المزدحمة بعدد من الإجراءات الجوهرية مثل تشكيل مجلس السلام بقيادة ترمب، ومعه مجلس التكنوقراط الفلسطيني الذي يدير قطاع غزة؛ وما لا يقل أهمية عن المجلسين تشكيل قوات الاستقرار التي قال الرئيس الأميركي إن هناك 57 دولة عربية وإسلامية على استعداد للمساهمة فيها. كل ذلك سوف يضاف إلى هيئة التنسيق الأميركية التابعة إلى قيادة القوات المركزية، سوف يكون عليها إدارة العملية المعقدة لوقف نهائي لإطلاق النار في غزة، وبدء عملية التعمير في القطاع، وتوفير الأجواء الإقليمية للتوصل إلى السلام والاستقرار في المنطقة. قوات الاستقرار ذات أهمية كبرى للولايات المتحدة لكي تكون حكماً على التزام الأطراف بما هو واجب عليهم، فضلاً عن تجاوز المأساة الكبرى في غزة وبدء عملية الإعمار، مع تقديم المزيد من الأمن لإسرائيل.

الدول العربية المشاركة في العملية الدبلوماسية والسياسية، وفي المقدمة منها دول الخليج العربية مضافاً إليها مصر والأردن تحتاج إلى درجات عليا من التنسيق السياسي، الذي يُبقي الولايات المتحدة على اهتمامها وتركيزها في اتجاه الوصول إلى المرحلة العليا للاستقرار والسلام. مثل ذلك لن يكون سهلاً على ضوء تقديم الولايات المتحدة لأميركا اللاتينية لكي تكون لها الأولوية مع احتمالات غير قليلة أن اتباع دبلوماسية المدافع البحرية في حصار فنزويلا، سوف يأخذ الاهتمام بعيداً عن الشرق الأوسط. ومن جانب آخر، فإن إنزال «حماس» عن الشجرة الدامية التي وصلت إليها وتقديم السلطة الشرعية الفلسطينية بالسياسة والإصلاح هو ضرورة للحفاظ على التضامن العالمي مع القضية الفلسطينية. التحدي هنا أن هناك ما يشير إلى أن «حماس» وكذلك «حزب الله» والحوثيون يستخدمون «نزع السلاح» الذي يقدم للدولة الوطنية أحد شروطها الأساسية في فلسطين ولبنان واليمن؛ من أجل إبقاء الهيمنة والسيطرة واستمرار الحرب. ويضاف إلى ذلك وجود إشارات قادمة من إيران تشير إلى أن جهودها في إبقاء جذوة «المقاومة والممانعة» مشتعلة بالعون المالي واللوجستي والتسليح سوف تحتاج إلى حديث عربي هادئ مع طهران!

المهمة ثقيلة على الدول العربية المعنية وتحتاج إلى الكثير من التفكير الاستراتيجي المشترك الذي يتعامل مع الحقائق «الجيوسياسية» والجيواستراتيجية» التي تفرض إجراءات، كما يقال «خارج الصندوق»، منها العودة المباشرة للشعب الفلسطيني واستفتاؤه لكي يقرر مصيره في التعامل مع «حماس»؛ والشعب الإسرائيلي عما إذا كان يرغب في السلام الإقليمي المحقّق للازدهار والرخاء أو يختار مواجهة حروب لا تنقطع؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قوات الاستقرار في غزة قوات الاستقرار في غزة



GMT 16:11 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

شفافية في المعلومات والأرقام يا حكومة

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 16:06 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الحالة الكروية

GMT 16:03 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 16:00 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 15:58 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

GMT 15:55 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

العراق ما بين تاريخين

GMT 15:53 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

يحمل اسم زويل

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 16:10 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
المغرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:17 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

"تارا عماد" تخوض تجربة الغناء لأول مرة دراميا
المغرب اليوم -

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 13:03 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 26-9-2020

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:35 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

المغرب الفاسي ينتصر وديًا على وداد صفرو

GMT 08:22 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

النفط يتدفق مجددًا بخط مأرب في اليمن

GMT 14:32 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

البولندية سواتيك تبلغ نهائي بطولة فرنسا المفتوحة للتنس

GMT 12:34 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الوداد يحاصر مدرب الفريق بالأسئلة بعد صدمة الديربي

GMT 06:31 2019 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هذه توقعات "الأرصاد الجوية" لطقس المملكة المغربية الأحد

GMT 09:09 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

سيدة تعثر على عظام بشرية داخل جوارب متجر شهير في بريطانيا

GMT 08:30 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

7 لاعبين يغيبون عن أولمبيك خريبكة أمام مولودية وجدة

GMT 11:35 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

الجزائر تطلق بوابة إلكترونية للترويج للسياحة

GMT 23:21 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

"جورجيا" وجهة سياحية مثالية للاستمتاع بالثلوج
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib